{سَمِيّاً}: السّميّ: الشبيه ،والمثيل .
{رَّبُّ السَّمَواَتِ وَالأرْضِ} الذي خلقها وخلق كل شيء فيها ،فهو المهيمن عليها بعلمه وقدرته ،{وَمَا بَيْنَهُمَا} من المخلوقات التي تتحرك بإرادته ،لا شريك له في ذلك ،وهو المستحق للعبادة ،لأن كل من عداه فهو مخلوق له ،فكيف يكون معبوداً من دونه ،{فَاعْبُدْه} في كل ما أمرك به ونهاك عنه ،واخشع له في نبضات قلبك ،وهمسات روحك ،واهتزازات مشاعرك ،وابتهالات شفتيك ،وانقياد أعضائك ،وانسحاق إرادتك أمام إرادته ،{وَاصْطَبِرْ لِعِبَادَتِه} في ما يفرضه عليك الإخلاص لها والاستمرار عليها من معاناة للحرمان ،وتحمّلٍ للجهد ،ومجابهةٍ للتحديات ،فإن توحيد الله في العبادة يضع الإنسان في قلب المواجهة مع قوى الشرك في ما تمارسه عليه من ضغوط نفسية وجسدية ،وحصار مادي معنوي ،ما يجعل للصبر معنى يتصل بالثبات والاتزان والاستقامة على الخط أمام عوامل الاهتزاز والانحراف ...وهذا ما يحقق للإنسان وجوده الروحي أمام الله رب السماوات والأرض الذي لا رب غيره ،فابحث في كل زاوية من زوايا السماوات والأرض وفيما بينهن ،{هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيّاً} في ما يعنيه الاسم المعبَّر عن القدرة المطلقة التي يرجع إليها الخلق ،والأمر كله ،فإنك مهما بحثت ،فلن تجد إلا قدرةً محدودةً مستمدةً من قدرته ،أو وجوداً مستمداً من وجوده ،فكيف يعادله شيءٌ من خلقه ..
إن السؤال لا يطرح المسألة من موقع الحاجة إلى المعرفة في حركة علامات الاستفهام ،بل يطرحه من موقع الإنكار الحازم للفكرة في نطاق النفي المطلق لكل مواقعها .