لا رفث ولا فسوق ولا جدال في الحج:
] الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَّعْلُومَاتٌ[ الأشهر التي يجوز فيها الإحرام للحج ثلاثة: شوال وذو القعدة وذو الحجةفي العشر الأول منه] فَمَن فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ[ فإذا فرض الإنسان فيها على نفسه الحج بالإحرام ،فيجب عليه أن يلتزم بمحرّمات الإحرام التي تقف في مقدمتها هذه الثلاثة التي فسّرت في السنّة الشريفة ،] فَلاَ رَفَثَ[ الذي كني به عن الجماع ،] وَلا فسوق[ الذي فسر بالكذب ،] وَلاَ جدال في الحج[ الذي فسّر بقول: لا واللّه وبلى واللّه ؛وذلك لأهميتها في المجال التربوي في حياة الإنسان .
] وَمَا تَفْعَلُواْ مِنْ خَيْرٍ يَعْلَمْهُ اللّه[ وختمت هذه الآية بالتذكير بأنَّ الأعمال الخيّرة التي يقوم بها الإنسان لا تغيب عن علم اللّه الذي لا يعزب عن علمه مثقال ذرّة ،وذلك من أجل أن يشعر بالحاجة إلى الإخلاص في عمله عندما يحسّ بأنه موضع رقابة اللّه .ومن أجل أن يعينه ذلك على الاستمرار والزيادة ،لأنه بعين اللّه الذي يقدِّر لكلّ إنسان جهده وعمله ،لأنَّ اللّه لا يضيع عمل عامل من النّاس من ذكر أو أنثى ،فيدفعه ذلك إلى تحمل الصعوبات والمشاق الكثيرة في سبيل اللّه طمعاً في ثواب اللّه ورضاه .
] وَتَزَوَّدُواْ فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى[ فهو الذي يبقى للإنسان من بعد موته فيجده عند اللّه محضراً ،وقد جاء في قوله تعالى:] الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ خَيْرٌ عِندَ رَبِّكَ ثَوَابًا وَخَيْرٌ أَمَلاً[ [ الكهف:46] وهو الذي تلتقي فيه الدنيا والآخرة في التقاء العمل الصالح بعواقبه الطيبة ،والمسؤولية بنتائجها الخيرة .ثُمَّ أكد الموضوع بكلمة تحمل الكثير من المعاني الحميمة التي تربط الخالق بالمخلوقين ،لأنها تمثّل دعوته الرحيمة في أن يعيشوا الجوّ الحميم بالحاجة إلى الإحساس بوجود اللّه وحضوره في وعيهم ،الذي يؤدي إلى الالتزام بخطّ التقوى عندهم .] وَاتَّقُونِ يا أُوْلِي الأَلْبَابِ[.وكان هذا النداء انطلاقة رائعة توحي للإنسان بأنَّ كلّ هذه القضايا هي من وحي العقل الذي لا يدعو إلاَّ إلى ما فيه الخير كلّ الخير في الدنيا والآخرة ،ليستنفر الإنسان عقله في كلّ وقت ،فلا يغيب عنه في أي مجال حتى لا تنهار حياته في لحظات الجنون .