إمتاع المطلقات:
] وَلِلْمُطَلَّقَاتِ مَتَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ[ هل يجب إمتاع المطلّقات في جميع الحالات ،بما في ذلك حالة فرض المهر لهن في العقد ؛أو يختص ذلك بصورة عدم فرض المهر مع عدم الدخول ،بقرينة الآية السابقة التي اشترط فيها ذلك ؛أو يستحب ذلك في الجميع بقرينة ربط ذلك بالتقوى ؟..وربما قال البعض: إنها منسوخة ،ولكن قد يبدو لنا أنَّ المراد بالمتاع هو الحقّ الثابت لها في ما تستحقه من مهر أو نفقة أو إمتاع ،وليس المراد شيئاً خاصاً في مقابل المهر والنفقة ،ولا دلالة للتقوى على الاستحباب ،بل هي أعم .
إلاَّ أنَّ هذا الاحتمال يتنافى مع الأحاديث الواردة عن الإمام جعفر الصادق( ع ) في قوله تعالى:] وَلِلْمُطَلَّقَاتِ مَتَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ[ قال: متاعها بعدما تنقضي عدّتها ،] عَلَى الْمُوسِعِ قَدَرُهُ وَعَلَى الْمُقْتِرِ قَدْرُهُ[ فأمّا في عدّتها فكيف يمتعها وهي ترجوه وهو يرجوها ،ويجري اللّه بينهما ما شاء .
وفي ضوء ذلك ،يكون المتاع المشار إليه في هذه الآية بمثابة هدية الفراق التي يقدّمها الزوج للمرأة المطلقة ،للتدليل على أنَّ انفصالهما لا يمثّل عقدة في ذاته تجاهها ،ولا عداوة لها ؛بل هو أمر فرضته التعقيدات التي أحاطت بها .وربما كان هذا النهج الإسلامي حركة في إبقاء الذكريات المتبادلةبعد الفراقحية بطريقة حميمة بالرغم من سلبياته .وقد اعتبرته الآية:] حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ[ الذين عاشوا التقوى في ذواتهم رؤية تنفتح على اللّه ،فتنفتح على النّاس بالخير كلّه ،مما يلزمهم أو لا يلزمهم من أفعاله وأوضاعه .لأنَّ من أحبّ اللّه أحبّ النّاس ،فأحبّ تقديم كلّ ما ينفعهم في أمورهم العامة والخاصة ،وبذل المحبة لهم في عمق مشاعرهم العاطفية .