{لِتَشْقَى}: الشقاوة خلاف السعادة .وشقيت في كذا: أي تعبتُ .
{مَآ أَنَزَلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لِتَشْقَى} ربما كانت خطاباً للنبي( ص ) حتى لا يثقل نفسه بالمزيد من الجهد الذي قد يفوق الطاقة أثناء تأدية الرسالة ،أو لأن لا يعيش الحالة النفسية الصعبة في مواجهة الجحود والنكران الذي كان يقابل به من قِبَلِ الكفار والمشركين ،حيث كان يتألم ويتحسّر .وقد يطلق الشقاء على التعب ،وقد يطلق على الحالة النفسية التي يتسبب بها الواقع المعقد .
وقد وردت بعض الروايات التي تفسر الشقاء بالتعب في العبادة ،فقد جاء في تفسير القمّي بإسناده عن أبي بصير عن أبي جعفر «الباقر »( ع ) وأبي عبد الله «الصادق »( ع ) قالا: «كان رسول الله( ص ) إذا صلى قام على أصابع رجليه حتى تتورم ،فأنزل الله تعالى{طه} بلغة يا محمد{مَآ أَنَزَلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْءَانَ لِتَشْقَى *إِلاَّ تَذْكِرَةً لِّمَن يَخْشَى} » .ورواه جماعة عن ابن عباس ،كما في الدر المنثور .إذا صحت هذه الروايات فيمكن أن يكون هذا المورد من بين موارد التعب الذي كان يعيشه النبي محمد( ص ) في مجال الممارسة ،كما هو في مجال الدعوة ،لأن سياق الآية الأخرى ،يوحي بأن المسألة المطروحة هي الجحود الذي كان يُقابَل به بالرغم من كل جهوده ومعاناته ،فجاءت الآية لتوحي إليه بأن دورك هو دور المبلِّغ الذي يدعو ليسمع الآخرون ،ويبلغ ليتذكر الغافلون .فإن مسؤوليتك لا تتجاوز هذا الموقع ،وتبقى مسؤولية الآخرين في انفعالهم بما تدعوهم إليه ،وبما تذكّرهم به ،فلماذا تتألم وتتحسر وتشقي نفسك ؟