{وَهَذَا} القرآن{ذِكْرٌ مُّبَارَكٌ أَنزَلْنَاهُ} على محمد( ص ) كما أنزلنا الكتاب على موسى( ع ){أَفَأَنْتُمْ لَهُ مُنكِرُونَ} من غير حجة ولا برهان ،بل انسجاماً مع أجواء الشرك والانحراف التي تعيشون فيها ،فتبتعدون بذلك عن المنهج الذي يصلح لكم حياتكم ويبني لكم آخرتكم .
* * *
إبراهيم( ع ) في مواجهة قومه
ويعود الحديث إلى النبي إبراهيم الذي يتميز بالشخصية المتحدية للشرك بالأسلوب الهادىء القوي الذي يترك المسألة تتحرك على الأرض من خلال ما يصنعه من مفرداتها ،ويثيره من علامات الاستفهام من حولها ،ليشعر الناس بالمشكلة كما لو كانت صدمة عنيفة تواجه تصوراتهم وعقيدتهم بشكل حاسم لا يستطيعون الهروب منه ،فكان ينقلهم دائماً من مواقع الهجوم ضد فكرة التوحيد ،إلى مواقع الدفاع عن فكرة الشرك التي يلتزمونها ،ما يخلق في داخلهم الشعور بالضعف على أكثر من صعيد .
وهذا هو المنهج الأمثل في الأسلوب العملي في قضية الصراع ،عندما تدفع خصمك إلى مواقع الدفاع ،لتضطره الى التراجع بسهولة من خلال ما أعددته للساحة من وسائل الهجوم بطريقة واعية ؛ومن خلال ذلك ،كان إبراهيم( ع ) يدير عملية الحوار معهم ،ليهزّ قناعاتهم المتحجرة أولاً ،وليقودهمفي محاولة جادة مدروسةإلى قناعاته في نهاية المطاف .