{مَنسَكاً}: المراد بالمنسك هنا: الشريعة والمنهاج .
{نَاسِكُوهُ}: عاملون أو ملتزمون به .
{لِّكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنَا مَنسَكاً} أي شريعة ومنهجاً في عبادة الله ،{هُمْ نَاسِكُوهُ} سائرون عليه وملتزمون به ،ذلك أن مصلحة البشر تفرض التغيير والتبديل على هذا المستوى نظراً لتطور التفكير وتغيّر الزمن .وبما أن الله ينزل الأحكام حسب ما تقتضيه مصلحة عباده ،وفي ما ينسجم مع أوضاعهم العامة والخاصة ،فلا غرابة في أن تختلف المناسك التي جاء بها النبي( ص ) عن المناسك التي كانت مألوفةً في الرسالات السابقة ،{فَلاَ يُنَازِعُنَّكَ في الأمر} أي ليس لهم أن ينازعوك ذلك ،لأن اختلاف ما جاء به النبي عما جاء في الشرائع السابقة ،لا يدل على أنه ليس من عند الله ،لأن حكمة الله قد اقتضت أن يغيّر خصوصيات المناسك والشرائع من رسالةٍ إلى أخرى .وبما أن الأمر كذلك ،فلا بد للنبي( ص ) من الابتعاد عن ساحة التعقيد مما يثيره الكافرون من الضوضاء حوله ،ومحاولتهم منهم التشكيك بصدق رسالته ،بحجّة اختلافها عما يعرفونه من أحكام ،لأن أيّ كلامٍ يفتقد الحجّة لا يملك ثباتاً على المدى الطويل ،وبالتالي فإن تأثيره الجزئي الذي يمكن أن يتركه لا بد من أن يزول بطريقةٍ أو بأخرى أمام ظهور الحقيقة الواضحة ..ولهذا دعا الله رسوله لمواصلة طريقه دون الاكتراث بكل هذا الضجيج الذي يثيرونه أمامه ..
{وَادْعُ إِلَى رَبِّكَ إِنَّكَ لَعَلَى هُدًى مُّسْتَقِيمٍ} ولا تتوقف ولا تتراجع ،بل استمر في الطريق الذي بدأته ودعوت إليه ،لأنك على هدى واضح يتحرك في خط الاستقامة ،بحيث لا يستطيع أحد أن يسجل عليك نقطة في خط الانحراف .