{ثُمَّ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا تَتْرَا} ،فقد كان الرسل ينطلقون في مراحل متتابعة ،باعتبار ان الأمم تتلو بعضها البعض ،وأن الله جعل لكل واحدةٍ منها رسولاً ،{كُلَّ مَا جَآءَ أُمَّةً رَّسُولُهَا كَذَّبُوهُ} ،لأنه يريد تغيير الواقع من حولهم ،من خلال تغييره الفكر الذي أنتجه ذلك الواقع وحرّك خطواته وركز مواقعه ..ولم يكن ذلك ملائماً لما اعتادوه أو ألِفوه ،ولم يكن منسجماً مع شهواتهم وملذّاتهم التي تمثّل القاعدة الثابتة التي يريدون إخضاع الحياة لها ،ولم يكن الأمر مقتصراً على التكذيب ،بل كان ينتهي تارة إلى الضرب والاضطهاد والإبعاد ،وتارة إلى القتل ،{فَأَتْبَعْنَا بَعْضَهُمْ بَعْضاً} بالعذاب والهلاك ،{وَجَعَلْنَاهُمْ أَحَادِيثَ} لمن بعدهم ،كما تتحدث روايات التاريخ عن النتائج السلبية التي حصلت لهؤلاء نتيجة تكذيب رسلهم ،ليكون ذلك عبرةً للأمم اللاحقة عند مواجهة خط الرسالات ،{فَبُعْداً لِّقَوْمٍ لاَّ يُؤْمِنُونَ} ،لأنهم لم ينطلقوا من موقع فكرٍ ،بل من موقع الأهواء والشهوات .