ويتابع الرسول رسالته ،ويتلو القرآن على قومه في بداية الدعوة ليفتح عقولهم على الحق ،وقلوبهم على الإيمان ،وحياتهم على خط الشريعة الإسلامية ،ليهتدوا بذلك من خلال التأمل والتدبر والوعي العميق ..ولكنهم يعرضون عنه ،ويبتعدون عن ذلك كله ويهجرون آياته ،فلا يقبلون على سماعها أو تلاوتها ،ولا يتدبرونها في عقولهم ومشاعرهم ،فيلجأ الرسول إلى ربه شاكياً في تقرير مسهبٍ متضمن لما قدمه في سبيل الدعوة ،وما بذله في سبيل الهداية .
إن قومي اتخذوا القرآن مهجوراً
{وَقَالَ الرَّسُولُ يرَبِّ إِنَّ قومي اتَّخَذُواْ هَذَا الْقُرْآنَ مَهْجُوراً} من دون أن أقصِّر في ما كلفتني وأمرتني بالقيام به من إبلاغ وإنذار ،وابتعدوا عني إلا قليلاً منهم .ولكن الله سبحانه يوحي إليه بأن الدعوة تصنع أعداءها كما تصنع أصدقاءها ،فإن أفكارها تستثير الناس الذين يفكرون بطريقةٍ مغايرة ،ويتحركون من الموقع المضاد ،فيقفون ضدّها لحماية أفكارهم ومصالحهم وأوضاعهم التي يخافون عليها من حركة الدعوة الجديدة .وهكذا يتجمع الأعداء في روحية الإجرام ليعملوا بكل وسائلهم في إسقاط الرسالة والرسول .