{لَّقَدْ أَضَلَّنِي عَنِ الذِّكْرِ بَعْدَ إِذْ جَآءَنِي} وأبعدني عن الاستماع إليه ،والتفكير به ،والتعمّق في فهم مداليله ونتائجه ،والاهتداء بهداه ،في ما يأمرني به ،أو ينهاني عنه .وها أنا الآن أقف موقف المسؤولية الصعب الذي يواجه عذاب الله في النار ،ويقف هذا الإنسان ليتخلى عن كل مسؤوليةٍ في إضلالي ،فيحمّلني مسؤولية ما أنا فيه ،من دون أن يكون له دور في ذلك ،{كَمَثَلِ الشَّيْطَانِ إِذْ قَالَ لِلإِنسَانِ اكْفُرْ فَلَمَّا كَفَرَ قَالَ إِنِّي بَرِيءٌ مِّنكَ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ} [ الحشر:16] .
{وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِلإِنْسَانِ خَذُولاً} في كل ما يضله فيه مما ينحرف به عن الصراط المستقيم .وبذلك يعيش الإنسان الإِيحاء العميق ،من خلال هذه الآية ،كيفية مواجهة خطوات الشيطان بوعي وحذر ،ليبتعد عن السير معها في معصية الله ،وكيف يكون حذراً في صداقاته فيختار أصدقاءه من مواقع إيمانه ،ولا يستسلم للمشاعر الحميمة في أحاسيسه حتى لا تغلبه مشاعره على مبادئه ،وحتى لا تحتويه الصداقة بأوضاعها الضاغطة من ناحية عاطفية ،فيبتعد عن خط الاستقامة ،ويقترب من خط الانحراف ،فيندم حيث لا ينفعه الندم .