/م27
ثمّ يستمر ويقول: ( لقد أضلني عن الذكر بعد إذ جاءني ) .
لو كانت الفاصلة كبيرة بيني وبين الإيمان والسعادة الخالدة في الدنيا لم اكن آسف إلى هذا الحد ،ولكني كنت قاب قوسين أو أدنى من السعادة الدائمة فصدّني رفيق السوء هذا عن عين ماء الحياة ظامئاً وأغرقني في دوامة التعاسة .
«الذكر » في الجملة أعلاه ،له معنىً واسع ،ويشمل كل الآيات الإلهية التي نزلت في الكتب السماوية ،بل يدخل في إطاره كلُّ ما يوجب يقظة ووعي الإنسان .
وفي ختام الآية يقول تعالى: ( وكان الشيطان للإنسان خذولا ) ذلك لأنّه يجر الإنسان إلى مواقع الخطر والطرق المنحرفة ،ثمّ يتركه حيران ويذهب لسبيله ،وينبغي الانتباه إلى أنّ «خذولا » صيغة مبالغة ،بمعنى كثير الخذلان .
وحقيقة الخذلان هي أي يعتمد الشخص على صديقه تمام الاعتماد ،ولكن هذا الصديق يرفع يده عن مساعدته وإعانته تماماً في اللحظات الحساسة .
في هذه الجملة الأخيرة ( وكان الشيطان للإنسان خذولا ) قد تكون من مقولة الله تعالى على سبيل الإنذار لجميع الظالمين والضالين ،أو تتمة لمقولة هؤلاء الأفراد المتحسرين في القيامة ،ذكر المفسّرون تفسيرين ،وكل منهما منسجم مع معنى الآية ،غير أن كونها مقولة الله تعالى أكثر انسجاماً .
/خ29