وهذا نبيٌّ آخر جاء برسالة الله إلى قومه ليواجه الانحراف الأخلاقي الذي يتميزون به في سلوكهم الجنسي الشاذ المذكّر ،فأراد أن يعالج المسألة الأخلاقية لديهم من خلال المسألة العقيدية الروحية التي يرتبط الإنسان فيها بالله ليطلّ على تفاصيل الحياة ومفرداتها العملية من هذا الموقع الثابت في الفكر والإحساس والواقع ،الأمر الذي يوحي إلينا أنّ الانحراف العملي لا يُعالج بالطريقة المباشرة التي تخاطب مفرداته وخصوصياته بشكلٍ مباشرٍ ،بل بالطريقة الفكرية التي تمتد إلى جذور العقيدة والروح والإِحساس وتتحرك في مفردات الحياة كلها ،لأن ذلك هو الذي يخلق الحوافز العميقة التي تدفع إلى الطاعة في أوامر الله ونواهيه .فإذا كان الإنسان لا يعيش روح التقوى لله ،فكيف يمكن أن تقنعهبشكل أساسيأن يترك لذاته وشهواته التي يحبها ويرتاح إليها ؟
كذبت قوم لوط المرسلين
{كَذَّبَتْ قَوْمُ لُوطٍ الْمُرْسَلِينَ} لأنهم انطلقوا في حياتهم من القاعدة الغريزية في حركة الفكر والسلوك ،ولم ينطلقوا من الرسالات الإِلهية التي تتابعت في مدى الزمن بتتابع الرّسل لتأمر الناس بتقوى الله وطاعة رسله في كل قضايا الحياة وأوضاعها ،