{فَإِنْ عَصَوْكَ فَقُلْ إِنّي بَريءٌ مِّمَّا تَعْمَلُونَ} لأن الرعاية والرأفة والرحمة لا بد من أن تنطلق من أجواء الالتزام الإيماني المتمثل في سلوكهم العملي بالاقتراب من طاعته والابتعاد عن معصيته ،فإن تبدل ذلك بالمعصية والتمرد ،فلا بد من إعلان الموقف الحاسم الذي يضع الأمور في نصابها الصحيح ،وذلك بالبراءة من العمل المنحرف عن أمر الله ونهيه ،لأن ما يجمع الرسول بالناس هو العمل ،فهو الذي يقربهم إليه إن انطلق في اتجاه الاستقامة ،وهو الذي يبعدهم عنه إن تحرك في اتجاه الانحراف .
وهذا ما ينبغي للعاملين في سبيل الله ،والدعاة إليه ،أن يؤكدوه في الالتزام بالجماعة التابعين لهم ،لا أن يكون الإطار الشكلي هو الأساس في الموالاة ،بل يكون المضمون العملي هو الأساس في ذلك .وهذا هو الفرق بين الطائفية في مدلولها العشائري ،والرسالية في مدلولها الفكري والروحي والعملي .