{فَلَمَّا جَآءهم مُّوسَى بِآيَاتِنَا بَيِّنَاتٍ قَالُواْ مَا هَذَآ إِلاَّ سِحْرٌ مُّفْتَرًى} لأنهم لم يعهدوا في تاريخهم ،ولا في حاضرهم ،مثل هذا الإعجاز ،ليفسروها غيبياً على أساس ما يعلمونه من أفكار ،وما يعرفونه من نماذج .وكان السحر هو الفنّ الخفيّ الذي يحكم ذهنية الساحة الشعبية العامة ،ويأخذ بعقولها ،وكان يتطوَّر في غرائبه وعجائبه من شخصٍ إلى آخر ،فكان من الطبيعي أن يروا في ما جاء به موسى لوناً من ألوان السحر ،أو يثيروا ذلك أمام الناس لئلا يؤمنوا به ،في ما قد يحقق لهم ذلك من صدمةٍ قويّةٍ .وهكذا كانت كلمة السحر هي الكلمة المثيرة التي أرادوا أن يسقطوا بها حجة موسى( ع ) ،ليمنحوه صفة الساحر لا صفة النبي ،وليعطوا الآية الرسالية معنى السحر لا معنى المعجزة .وبذلك اعتبروه ساحراً يفتري الكذب ،عندما ينسبه إلى الله ،ويدَّعي من خلاله الرسالة التي تثير أفكاراً جديدة لا عهد لهم بها ،{وَمَا سَمِعْنَا بِهَذَا فِي آبَآئِنَا الاَْوَّلِينَ} ما يدل على أنها من مختلقاته ،لا من الحقائق الإنسانية العامة ،لأنها لو كانت كذلك ،لعرفها آباؤنا ،ولنقلوها إلينا .