المفردات:
آياتنا: المعجزات ،أو آيات التوراة .
بينات: واضحات الدلالة على صدق موسى في رسالته .
سحر مفترى: مختلق مكذوب .
الأولين: السابقين .
التفسير:
36-{فلما جاءهم موسى بآياتنا بينات قالوا ما هذا إلا سحر مفترى وما سمعنا بهذا في آبائنا الأولين}
على طريقة القرآن الكريم الفذة ،يطوى الزمان والمكان وحركة الأحداث ؛ليستنبط المشاهد استجابة الله لموسى ،ثم يسير موسى وهارون بالرسالة إلى فرعون ،ويقدمان الأدلة الباهرة على وحدانية الله وقدرته وجلاله ،ووجوب عبادته وحده ،وقد فصلت سورة طه هذه المعاني مثل .
{قال فمن ربكما يا موسى*قال ربنا الذي أعطى كل شيء خلقه ثم هدى} [ طه: 49 ،50] .
وتصور هاتان الآيتان وما بعدهما دلائل القدرة الإلهية ،واستعانة فرعون بالسحرة ،ثم إيمان السحرة واستهانتهم بتهديد فرعون ،وغير ذلك ،لكن السياق هنا يطوي هذه الجوانب من قصة موسى ،لأن السياق هنا مهتم بجوانب الفضل الإلهي على موسى ،في صغره وشبابه ورسالته ،وبيان معونة الله له ،فقد وهبه سلطان الجلال الذي قهر به سلطان الفرعون ،وغرق الطاغية في الماء ،ونجا موسى والمؤمنون .
ومعنى الآية:
فلما تقدم موسى إلى فرعون وقومه ،وقدّم لهم رسالته وأيد دعواه بالمعجزات ،وآزره هارون في رسالته ،قال فرعون وقومه:
{ما هذا إلا سحر مفترى ..}
أنت ساحر تفتري على الله ،وتدعي أنك رسول ،ومعجزتك مهارة في السحر ،وأنت مختلق متقول على الله .
{وما سمعنا بهذا في آبائنا الأولين} .
وما سمعنا بهذه الدعوى-دعوى التوحيد وتفرد الله بالألوهية- في آبائنا وأجدادنا السابقين .
بكل هذه البساطة كان ردّهم وجوابهم ،الإنكار بدون مناقشة ،أو تقديم أدلة أو براهين يقبلها العقل والمنطق .
ومثل ذلك كان موقف أهل مكة من دعوة محمد صلى الله عليه وسلم ،كأنما هي طبيعة الكفار في كل رسالة ودعوة ،وكأنما وصّى الكفار السابقون من جاء بعدهم من المكذبين ،قال تعالى:{أتواصوا به بل هم قوم طاغون} [ الذاريات: 53] .