[ ذلك بما قدَّمت أيديكم] من خطايا وجرائم وطغيان ،فإنَّ الإنسان الذي يقف في خطّ الانحراف والتمرّد على اللّه في كلّ أعماله وأقواله وعلاقاته وأوضاعه ،لا بُدَّ من أن يواجه نتائج كلّ ذلك عقاباً وعذاباً من خلال ارتباط نتائج المسؤولية بمقدّماتها ،فهم قد اختاروها بإرادتهم باختيار أسبابها ،فقد حذرهم اللّه من ذلك كلّه ،وأنذرهم عذابه إذا خالفوا أوامره ونواهيه ؛ولم يخافوا مقام ربّهم ،وها هم يواجهون الموقف من موقع قانون العدالة الإلهية ،فإنَّه جعل لهم حرية الاختيار ،وأراد لهم اختيار خطّ الاستقامة ،فكانت النتائج السلبيّة من صنع أيديهم .
وقد لا تقتصر على ذلك بالنتائج السلبيّة في الآخرة ،بل تتصلإلى جانب ذلكبالنتائج السلبيّة في الدُّنيا ،لأنَّ لكلّ عمل آثاره السلبيّة في حياة النَّاس الذين يعملونه ،وقد أشار القرآن إلى ذلك في أكثر من آية ،كما في قوله تعالى: [ ظهر الفساد في البر والبحر بما كسبت أيدي النَّاس ليذيقهم بعض الذي عملوا لعلَّهم يرجعون] ( الروم:41 ) وقد جاء في حديث الإمام عليّ ( ع ) في نهج البلاغة أنَّه قال: «وأيم اللّه ،ما كان قوم قطّ في غضّ نعمة من عيش فزال عنهم إلاَّ بذنوب اجترحوها ،لأنَّ اللّه ليس بظلامٍ للعبيد » .
[ وأنَّ اللّه ليس بظلامٍ للعبيد] فهو الحكم العدل الذي لا يظلم أحداً ،لأنَّه القويّ الذي لا يحتاج إلى الظلم ،إذ لا يحتاج إليه إلاَّ الضعيف ،تعالى اللّه عن ذلك علوّاً كبيراً .