وقد صرح سبحانه بالسبب في ذلك العذاب الأليم ، وإن كان ما مضى دالا عليه فقال:{ ذلك بما قدمت أيدكم وان الله ليس بظلام للعبيد} .
أي ذلك العذاب الشديد الأليم بسبب ما قدمت أيدكم وما تكلمتم به ، والتعبير ب{ بما قدمت} ، وتخصيص الأيدي بالذكر ؛ للدلالة على التمكن من الفعل وإرادته ، ولن أكثر الشر يكون ببطش اليد ، ولأن نسبة الفعل إلى اليد تفيد الالتصاق به ، والاتصال بذاته .
وإذا كان ذلك العذاب لأجل هذا العمل ، فهو لا ظلم فيه ، وفوق ذلك فإنه لو أهمل حسابهم لكان الله ظلاما لعباده بتسوية المحسن بالمسئ ، فكان العذاب لينفي عن ذات الله تعالى الظلم ، وابلغه وأقصاه بأن يتساوى المحسن والمسئ ، وقد نفى الله سبحانه وتعالى عن ذاته الكريمة تلك التسمية ، كما قال تعالى:{ أم نجعل المتقين كالفجار28} [ ص] . ربنا إننا ظلمنا أنفسنا فاغفر لنا وارحمنا وأنت خير الراحمين .