معجزات إلهية:
ويستمر الحديث عن خصائص هذا الإنسانالكلمة: [ ويُعلِّمُهُ الكتاب والحكمة] فإنَّ اللّه سيعلِّمه الكتاب المتمثِّل بالوحي الذي ينزله على رُسُله في ما يمثِّله من التقاء الرسل على صعيدٍ واحد في قضايا الإيمان والعقيدة والحياة ...وربَّما كان يعني الكلمة المكتوبة في ما تمثِّله من وعي للكتابة والحكمة .ويعلِّمه الحكمة التي تصنع للشخصية قوّة الميزان الصحيح الذي يزن به الفكرة والكلمة والخطوة ،فلا يضع الفكرة إلاَّ في الإطار المناسب ،ولا يحرّك الكلمة والخطوة إلاَّ في الموقع الملائم ؛فلا اهتزاز في الموقف ولا انحراف عن الخطّ .
وقد قيل: إنَّ الحكمة هي المعرفة النافعة المتعلّقة بالاعتقاد والعمل .وقيل: إنَّها الفقه وعلم الحلال والحرام عن ابن عباس .والظاهر أنَّها تمثِّل المصاديق أو الوسائل التي يملك الإنسان من خلالها القوّة الذهنية واللباقة العملية التي يستطيع من خلالها وضع الأشياء في مواضعها ،وتقدير الأمور بمقاديرها .
...وينتقل الحديث من التعميم إلى التخصيص ..[ والتوراة والإنجيل] من خلال ما يخطّطان له من شريعة اللّه ،وما يرسمانه من حدود لمفاهيم الحياة في تصوّراتها وتطلّعاتها وأهدافها ،ما يجعل من قضية العلم لديه أمراً لا يرتبط بالترف الفكري الذي يعيش مع الإنسان في نطاق التجريد ،بل يتصل بالحياة في شمولها وامتدادها وحركتها وعمقها في الفكر والأسلوب والعمل ...فيجعل منها رسالةً تنتظر في فاعليتها حركة الرسول وموقفه ؛فيبدأ بالحديث عن نفسه ليقدِّم رسوليته التي تبتعد به عن فكر البشر لتقترب به إلى وحي الخالق [ ورسولاً إلى بني إسرائيل] .