{بَلِ اتَّبَعَ الَّذِينَ ظَلَمُواْ أَهْوَآءَهُمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ} فلم يشركوا بالله من موقع شبهةٍ فكريةٍ جعلتهم يتوقفون عندها ليمتنعوا عن الإيمان من خلالها ،بل كان شركهم نتيجة اتباع الهوى الذي يتحرك فيه الإنسان تحت تأثير شهوةٍ أو نزوةٍ أو طمعٍ أو حالة انفعالٍ سريعٍ ،مما يتحرك به الناس الذين تقودهم العاطفة الى ما يحبون أو يكرهون ،في ما يفعلون أو يتركون ،بعيداً عن العلم الذي يحدد للأشياء موازينها وللأوضاع مواقعها .
{فَمَن يَهْدي مَنْ أَضَلَّ اللَّهُ} في ما ربط به بين إرادة الضلال الخاضعة للهوى وبين الضلال الفكري والعملي ،لأن مثل هذه الإرادة تمنع الإنسان من الانفتاح على العقل في ما يحدده من موازين العقيدة ،من حق وباطل ،ومن خير وشرّ ،وتقوده إلى التعصب والاختناق في دائرة الرأي المحدود ،والزاوية المغلقة ،ما يؤدي إلى استحالة الهدى عليه ،انطلاقاً من استحالة وجود المعلول بدون وجود العلّة .وهكذا كان هؤلاء الذين ظلموا أنفسهم باختيار الشرك ،في موقعٍ بعيدٍ عن الهدى بسوء اختيارهم ،فلا هادي لهم من الناس{وَمَا لَهُمْ مِّن نَّاصِرِينَ} مما ينالهم من عذاب الله جزاءً على كفرهم وإشراكهم بالله ما لم ينزل به سلطاناً .