{أَوَلَمْ يَرَوْاْ أَنَّ اللَّهَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَن يَشَآءُ وَيَقْدِرُ} فيوسّعه على من يشاء ،ويضيّقه على من يشاء ،تبعاً للحكمة التي أقام عليها النظام الكوني الذي فيه صلاح الإنسان والحياة ،ما يوحي إليهم بأن القضايا ليست خاضعةً في طبيعتها لأمور ثابتة في تمنيات الإنسان ،في ما يحب لنفسه من أوضاع ،أو في طبيعة الأمور الموجودة في الواقع ،{إِنَّ فِى ذَلِكَ لآياتٍ لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ} بالله ويفكرون بالظواهر المتحركة المتقلبة في الحياة ،بين العافية والبلاء ،والفقر والغنى ،والشدة والرخاء ،والأمن والخوف ،ونحو ذلك ،فيرون فيها حركة النظام الكوني الذي أودع الله في داخله سننه وقوانينه ،التي تنتج الحزن كما تنتج السرور ،وتحرّك الخوف كما تصنع الأمن ،وتبدع الحياة كما تهز بهجتها بالموت ،تماماً كما هي الطبيعة التي تلتقي بالليل ،كما تلتقي بالنهار ،وبالخريف كما تحتضن الربيع ،وبالصقيع في الشتاء كما تعيش مع الدفء والحرارة في الصيف ،ويدركون أن ذلك كله ينطلق من طبيعة التوازن الكوني الذي يعطي للحياة حيويةً وحركةً وتنوّعاً واستمراراً ويجدد لها نشاطها ،ويحقق للإنسان من خلال التجربة المتنوعة في تأثيراتها المختلفة ،خبرةً في عقله ،ووعياً في كيانه ،وانفتاحاً في حركة شعوره ،ما يجعل لها أكثر من تأثيراتٍ إيجابية إلى جانب التأثيرات السلبية السريعة ،وبذلك يتعرفون على سرّ الحكمة الإِلهية ،وسرّ القدرة التي تحفظ الحياة من الاهتزاز أمام ذلك ،ويعيشونعلى أساس ذلكالثبات في مواقع الحركة والامتداد في أوضاع الانكماش ،والصبر العميق الطويل على كل الآلام والأحزان .