{وَعْدَ اللَّهِ لاَ يُخْلِفُ اللَّهُ وَعْدَهُ} لأن إخلاف الوعد مظهر ضعف ،وعلامة نقص ،في حركة الذات في واقع الإنسان والحياة ،في ما يوحيه من خوف صاحب الوعد من إِعلان الحقيقة ،أو اضطراره لكسب ثقة الناس في الحاضر ،والاعتذار منهم في المستقبل ،والله أعظم من ذلك كله ،وهناك ملاحظة مهمّة ،وهي أن الله يريد أن يؤكد الثقة به وبرسوله من خلال الإيحاء للمؤمنين بنصره لمن يشاء في المستقبل على أساس أن الأمور كلها بيده ،فلا يتخلّف هناك شيء عما يريد ،كما يريد أن يقوّي مواقع الإيمان في ساحة التحدي ويضعف مواقع الكفر ،ولا بدّ في ذلك من صدق الوعد الذي يؤكد الثقة ،ويصنع القوّة ،ويرد التحدي بأقوى منه .
ولذلك كانت مسألة الوعد الإِلهي ،في ما أنزله الله على رسوله في كتابه ،وفي ما عرّفه إيّاه في وحيه ،من المسائل الحاسمة في ضمير المؤمنين الذين يتطلعون إلى المستقبل بثقةٍ وإيمان ،في ما يحدّثهم الله عما يحدث لهم أو لغيرهم في المستقبل ،لأنها تمثل الحقيقة التي لا يأتيها الباطل من بين يديها ولا من خلفها في كل مجال ،{وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ} لأنهم لا يعرفون الامتداد المستقبلي للحقائق ليكتشفوه من خلال مصادره الأساسية في قضية المعرفة ،بل يرتبطون بالأمور الحاضرة السريعة ،فيختنقون في دائرة اللحظة عندما تحاصرهم أفكارها ومشاكلها وتهاويلها بالخوف والهزيمة .