وهذه إطلالةٌ سريعة على النبي سليمان( ع ) الذي جعل الله له ميزةً معينةً في الخدمات غير العادية التي هيّأها الله له مما كان يحتاجه في تنقلاته أو في مشاريعه العمرانية ،أو في حاجاته الإنسانية الاجتماعية ،وليس من الضروري أن يكون في ذلك نوعٌ من التفضيل ،في ميزان القيمة النبوية ،ليتساءل البعض هل نستطيع التأكيد على فضل سليمان على سائر الأنبياء ،لأنهوحدهالذي أعطاه الله ملكاً لا ينبغي لأحدٍ من بعده ؟
والجواب عن ذلك ،أن تمييز نبيٍّ عن نبيٍّ بما يمكِّنه الله من شؤون الحياة لا يتصل بدرجته عند الله بالقياس إلى النبي الآخر ،بل يتصل بدوره والحاجة العملية لحركة الرسالة على صعيد الواقع .
{وَلِسُلَيْمَانَ الرِّيحَ} أي سخرنا له الريح{غُدُوُّهَا شَهْرٌ} بحيث تقطع بالغداة مسيرة شهر كامل ،{وَرَوَاحُهَا شَهْرٌ} بحيث تقطع بالعشيِّ مسيرة شهر كامل ،على الجمال أو الخيل أو الأقدام ،{وَأَسَلْنَا لَهُ عَيْنَ الْقِطْرِ} وهو النحاس أو الحديد ،فأذاب الله له الصلب ،كما ألان الحديد لداودأبيهلحاجته إليه في شؤون الإعمار أو غيره ،أو أرشده إلى أسباب ذلك .
{وَمِنَ الْجِنِّ مَن يَعْمَلُ بَيْنَ يَدَيْهِ بِإِذْنِ رَبِّهِ} ما يحتاج إليه من بناء مراكز العبادة كبيت المقدس أو غيره ،وذلك من خلال تسخير الله لهم لخدمته ،لأن الإنس لا يملكون السيطرة الذاتية على استخدام الجن ،{وَمَن يَزِغْ مِنْهُمْ عَنْ أَمْرِنَا} أي ينحرف عن شريعة الله في ما يريد الله للعباد أن يفعلوه أو يتركوه{نُذِقْهُ مِنْ عَذَابِ السَّعِيرِ} فذلك هو جزاء المنحرفين من العصاة والمتمردين ،