{وَأَقْسَمُواْ بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ} فلم يتركوا يميناً إلا والتزموه على أنفسهم ،{لَئِن جَاءهُمْ نَذِيرٌ} يرشدهم ويدلهم على الطريق المستقيم ،ويخوِّفهم المصير الذي يقبلون عليه ،تماماً كما كانت النذر التي جاءت للأمم السابقة ،{لَّيَكُونُنَّ أَهْدَى مِنْ إِحْدَى الأمَمِ} مبررين ضلالهم لفقدان المرشد والدليل والنذير ...وهكذا كانوا يتحدثون مع الناس الذين ينكرون عليهم بعض انحرافهم وكفرهم ،وكانوا يظنون في أنفسهم أن هذا الكلام لن يلزمهم بشيء لأنه لن يتحوّل إلى واقعٍ عمليٍّ ،باعتبار أن زمن النذركما يتصورونقد ولَّى ،ولهذا فإنهم كانوا يتفادون بكلامهم الإحراج الذي يقعون فيه أمام تلك الكلمات ،ولكن ظنهم قد أخطأ ،فهذا هو الرسول محمد( ص ) الذي أرسله الله إليهم أوّلاً ،وللناس ثانياً ،ليكون بشيراً ونذيراً ،{فَلَمَّا جَآءهُمْ نَذِيرٌ مَّا زَادَهُمْ إِلاَّ نُفُوراً} فقد تعقّدوا منه بشكلٍ عنيف ،لأنه استطاع أن يفضح دَجَلَهم ونفاقهم ويظهر حقيقتهم العارية ،بعيداً عن كل التهويلات والكلمات الخادعة التي يبرّرون بها واقعهم للآخرين ،ولكن ،لِمَ يفعلون ذلك ؟إن الآية تجيب عن ذلك .