{وَلَقَدْ جَآءكُمْ يُوسُفُ مِن قَبْلُ بِالْبَيِّنَاتِ} في ما كان يثيره أمامكم من فكر توحيديٍّ يهديكم إلى معرفة الله ،ومن روح مسلمة تسلم كل حياتها لله في إسلام القلب واللسان والحركة{فَمَا زِلْتُمْ فِي شَكٍّ مِّمَّا جَآءكُمْ بِهِ} فلم تؤمنوا به ،ولم تصدقوه ،بل واجهتم دعوته بعلامات الاستفهام الهادفة إلى التحدي وإثارة الجدال العقيم ،لا الوصول إلى معرفة الحقيقة ..{حَتَّى إِذَا هَلَكَ} وانتقل إلى جوار ربّه{قُلْتُمْ لَن يَبْعَثَ اللَّهُ مِن بَعْدِهِ رَسُولاً} في إعلانٍ لانتهاء عهد الرسل ،لأن ذلك لن يكلفكم شيئاً في الالتزام ،باعتبار أن الإيمان بالرسل شيء يتصل بالماضي ،في الوقت الذي تؤكدون فيه حرية الانتماء في المستقبل ،حيث لا موقع للرسالات{كَذَلِكَ يُضِلُّ اللَّهُ مَنْ هُوَ مُسْرِفٌ مُّرْتَابٌ} ممن لا ينفتح على حدود الله ،ولا يقف عند ضوابط المعرفة ،ولا يبني قناعاته الفكرية على قاعدة اليقين ليلتزم به .
ولعلّ هذه الآية هي المناسبة الوحيدة التي تحدَّث فيها القرآن عن شخصية يوسف الرسالية ،ومعاناته مع قومه ،نتيجة تمردهم عليه وشكهم في رسوليته في حركة الدعوة في حياته ..فقد كان القرآن يتحدّث عنه بصفته الحاكم الإداري الذي يملك السلطة على مقدرات مصر المالية .