لقد كان الإِنذار بالعذاب هو الوجه الآخر للأسلوب الذي كان يستعمله لإثارة الكافرين والمشركين ،وحضِّهم على التفكير بالمضمون العقيدي للدعوة ،وإخراجهم من أجواء اللاّمبالاة التي تؤدي بهم إلى جمود الفكر وحركة الانفعال ،وفي هذه الآيات لونٌ من ألوان الإنذار الذي يستثير ذاكرتهم التاريخية في ما حدث للأمم السابقة التي سمعوا عنها الكثير ،ليخوّفهم من حدوث شيءٍ مماثلٍ لهم ،لأن الأسلوب المتمرّد الذي يتبعونه مع النبي ،هو الأسلوب نفسه الذي اتبعه أولئك مع الأنبياء السابقين ومنهم صالح وثمود .
{فَإِنْ أَعْرَضُواْ} ولم ينفتحوا قلباً وفكراً على دعوتك ،ورفضوا الحوار الذي يؤدّي إلى إيضاح الحق من خلال البراهين التي يقدّمها ،والحجج التي يحتج بها ،{فَقُلْ أَنذَرْتُكُمْ صَاعِقَةً مِّثْلَ صَاعِقَةِ عَادٍ وَثَمُودَ} التي أهلكتهم فلم تُبق منهم أحداً ،والصاعقةكما قيلهي الصوت الشديد من الجوّ ثم يكون ناراً تؤدي إلى العذاب أو الموت ،وهي في ذاتها شيء واحد ،وهذه الأشياء تأثيرات منها .