{إِذْ جَآءتْهُمُ الرُّسُلُ مِن بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ اللَّهَ} فهذه حقيقة تفرض نفسها على العقل والوجدان فلا مجال للشك في وحدانية الله ،لذا لا بد للعباد من أن يوحدوا عبادة الله بما تفرضه من خضوع مطلق وطاعة مطلقة له ،فإذا كان لديكم شبهةٌ حول وحدانية الله نتيجة ما يمكن أن تعيشوه من عقد مرضية مستعصية ،فتعالوا إلى الحوار في كل جزئياتها وفي فكرها العامّ ،لأن الحوار هو الذي يفتح العقل على العقل ويفسح المجال لتكوين القناعات من أقرب طريق ..ولعلّ جمع الرسلمع أن الآية لم تأت إلا على ذكر رسولين فقطيعود إلى أن دعوة الرسل واحدة ،كما أن الحديث عن إتيانهم من بين أيديهم ومن خلفهم يحمل بعض الإيحاء بأنهم استخدموا كل الأساليب التي تطوق أفكارهم من كل جانب .
{قَالُواْ لَوْ شَآءَ رَبُّنَا لأنزَلَ مَلائِكَةً} لأن البشر لا يُعقل أن يكونوا أنبياء ،لأن النبوّة حالةٌ غيبيّةٌ سماويّةٌ لا يحصل عليها أو يحملها إلا رجال الغيب السماويّون الذين يقتربون من قدس الله ،وهو أمر لا يحصل عليه أحد ،ولذلك فإن مسألة الإيمان بالبشر الذين يدَّعون الرسالة ،كما تدَّعونها ،غير واردةٍ عندنا ،{فَإِنَّا بِمَآ أُرْسِلْتُمْ بِهِ كَافِرُونَ} لأنه لا يتناسب مع قناعاتنا التي ورثناها من أجدادنا ،ومع الخطوط العامة لموقع النبوّة .