{فَأَمَّا عَادٌ فَاسْتَكْبَرُواْ فِي الأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَقَالُواْ مَنْ أَشَدُّ مِنَّا قُوَّةً} فقد كانوا يتمتعون بالقوّة الجسدية ،ذلك أن الله زادهم بسطةً في الجسد فكانوا من العمالقةكما قيلولهذا شعروا بالتفوّق والعلوّ على الآخرين الذين كانوا أضعف منهم قوّة ،وهو ما يجعلهم يتحسَّسون ضخامة الشخصية في مواقعهم وامتيازاتهم ،كما يتحسس البعض ضخامة أجسادهم ،فتحدث لديهم عقدة التفوق التي تدفعهم إلى الاستكبار والاستعلاء على الآخرين بما يخلقه ذلك من أنانيةٍ في الذات وفي الموقف الفكري والعقيدي الذي لا يخشع لفكر الآخرين ،وإن كان حقاً ،ولم يكتفوا بذلك ،بل وقفوا وقفةً استعراضيّةً للقوّة التي يملكون ،حتى خُيِّل إليهم أنهم يملكون قوّة المطلق ،فقالوا ،وهم يتطلعون إلى من حولهم ،{مَنْ أَشَدُّ مِنَّا قُوَّةً} ..ولكن المسألةلديهممجرّد وهمٍ كبيرٍ لا أساس له ..فهم يملكون بعض القوّة ،ولكن من الذي منحهم تلك القوة ؟ثم ما قيمتها أمام قوّة الله التي هي سرّ القوّة في كل شيء ؟فلا قوّة لأحدٍ مهما كانت عظمته ،بدون قوة الله{أَوَلَمْ يَرَوْاْ أَنَّ اللَّهَ الَّذِي خَلَقَهُمْ} من العدم وأعطاهم نعمة الوجود بكل مفرداتها التفصيلية{هُوَ أَشَدُّ مِنْهُمْ قُوَّةً} لأن قوّته تمتد في كل شيء ،وتتسع لكل شيء{وَكَانُواْ بِآياتِنَا يَجْحَدُونَ} وتلك هي مشكلتهم المعقّدة ،وهي جحود الآيات الإلهية في الوجود والكلمة التي تطلُّ على الحق في إشراقة الوضوح ،ولكنهم لا يواجهونها بعمقٍ وواقعيةٍ وانتباهٍ .