{أَوَمَن يُنَشَّأُ فِي الْحِلْيَةِ} أي في الزينة التي تربّى الأنثى على اعتبارها القيمة التي تحملها في وعيها الفكري ،فينحصر طموحها الذاتي في دائرة التزين وتحصيل الجمال الجسدي لا العقلي والروحي .
{وَهُوَ فِي الْخِصَامِ غَيْرُ مُبِينٍ} وهو بالتالي نتيجة استغراقه في الجمال الجسدي غير واضح الحجة ،أو قويّ الموقف ،لأنه لا يملك الفكر القويّ الذي يمكنه من ذلك ،فكيف ينسبون هذا المخلوق إلى الله في عقيدتهم ؟!
هل الضعف سمة المرأة قرآنياً ؟
وقد نتساءل: هل هذا الوصف القرآني للمرأة يمثل تحديداً مفهومياً لشخصيتها ،بحيث يعتبرها إنساناً مستغرقاً في الزينة ،في إيحاءاتها الرخيّة الناعمة المنفتحة على الجمال الجسدي بخشوعٍ وانبهار في مستوى الطموح ،وكياناً يملك الضعف فلا يستطيع الدفاع عن نفسه ..أم أن هذا الوصف يمثل تحديداً واقعياً لصورة المرأة من خلال التربية التي تتربّى عليها ،لتعيش حياة تسيطر عليها عناصر الضعف بدلاً من عناصر القوّة ؟!
قد نستفيد من التعبير بكلمة{يُنَشَّأُ} بأن هذا الوصف متعلق بالتنشئة والتربية والإِعداد الذي تتلقاه الأنثى ،في الوقت الذي تملك فيه قابلية الأخذ بأسباب القوّة الفكرية والحركية ..كما نلاحظه في ما حدثنا به القرآن من النماذج القويّة في مجمل الحياة الاجتماعية التي تضم{الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَالْقَانِتِينَ وَالْقانِتاتِ وَالصَّادِقِينَ وَالصَّادِقَاتِ وَالصَّابِرِينَ وَالصَّابِرَاتِ وَالْخَاشِعِينَ وَالْخَاشِعَاتِ وَالْمُتَصَدِّقِينَ وَالْمُتَصَدِّقَاتِ والصَّائِمِينَ والصَّائِمَاتِ وَالْحَافِظِينَ فُرُوجَهُمْ وَالْحَافِظَاتِ وَالذَاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيراً وَالذَاكِرَتِ أَعَدَّ اللّهُ لَهُم مَّغْفِرَةً وَأَجْراً عَظِيماً} [ الأحزاب:35] وغير ذلك ،وفي ما حدثنا به عن امرأة فرعون ومريم بنة عمران اللتين ضربهما الله مثلاً للذين آمنوا من الرجال والنساء في قوّة الموقف ،حيث تتجسد حركية صفات الإيمان والصبر ..داخل الشخصية وخارجها ،بما تفرضه من معاناة وتمرد على نقاط الضعف ..
هذا ،مع ملاحظة أننا نعرف في التاريخ وفي الحاضر ،كثيراً من النساء اللاّتي يملكن القوّة في الجدل ،والشدّة في الدفاع ،والإِرادة الحديديّة في مواجهة التحديات ..ما يبعد الضعف عن أن يكون من لوازم شخصية المرأة ،ويقرّبه من أن يكون من مقتضيات التربية التي تنمي نقاط ضعفها الغريزية وتهمل تنمية نقاط القوّة فيها ،في الوقت الذي لا ننكر فيه قوّة الجانب العاطفي فيها ،ولكن لا بالمستوى الذي يلغي إمكانية التنمية الفكرية والعملية للجانب العقلاني لديها .وفي ضوء ذلك ،يمكننا أن نفهم أن الآية توجه النظر إلى الواقع الذي تعيشه المرأة ،ما يخلق الانطباع السلبيّ عنها في نظر المجتمع ويثير التساؤل حول المبرّر لنسبة البنات إلى الله في ظل هذا المفهوم لديهم .