{وَإِنَّهُ فِي أُمِّ الْكِتَابِ لَدَيْنَا لَعَلِيٌّ حَكِيمٌ} الظاهر أن المراد بأم الكتابفي ما يذكره المفسروناللوح المحفوظ ،وأن علوّه في علوّ المنزلة التي يمكن أن يصل إليها الإنسان من خلاله ،أو في علوّ الفكر الذي يرتفع بالتصور الإنساني لحقائق العقيدة والحياة إلى المرتبة العليا ،أو في علوّ البلاغة ،كما يذكره البعض .
وقد اعتبر صاحب الميزان ،العلوّ بمعنى «أنه رفيع القدر والمنزلة من أن تناله العقول »[ 2] ولكن الظاهر أن الحديث عنه ،بلحاظ جانب السموّ في معناه وفي أسلوبه ،للدلالة على أن الله يريد للإنسان العلو من خلاله ،لأنه لا معنى لأن ينزل الله كتاباً لا يتعقل الناس حقيقته ومعناه .«بحيث يمكن أن تكون النسبة بين ما عندنا وما في أمّ الكتاب نسبة المثل والممثّل ،فالمثل هو الممثّل بعينه لكن الممثّل له لا يفقه إلا المثل »[ 3] كما يقول صاحب الميزان ،إذ ليس هنالك حكمة من ذلك بالنسبة إلى طبيعة الكتاب ..وربما كان معنى{وَإِنَّهُ فِي أُمِّ الْكِتَابِ لَدَيْنَا لَعَلِيٌّ حَكِيمٌ} هو وصف القرآن هناك بهاتين الصفتين ،أمَّا الحكمة فيه ،فاشتماله على المضمون الذي يحقق للناس التوازن في حياتهم ويساعدهم على وضع الأشياء في مواضعها ،فيتصورون القضايا في موازينها ،ليملكوا بذلك البصيرة الكاملة في الأمور المتعلقة بقضايا الفكر والحياة ..