وماذا تنتظر من هؤلاء الذين لا يقفون أمام الحجة ،ولا ينطلقون منها{فَارْتَقِبْ يَوْمَ تَأْتِي السَّمَآءُ بِدُخَانٍ مُّبِينٍ} انتظر اليوم الذي يمتلىء الجو فيه دخاناً ،وذلك بسبب المجاعة التي يتحوّل فيها الإحساس بالجوع إلى حالةٍ يبصر فيها الإنسان الفضاء كما لو كان مملوءاً بالدخانكما في بعض التفاسيرأو بسبب الدخان الحقيقي الذي يأتي قبيل حدوث الساعةكما في بعض آخروربما كان الوجه الثاني أقرب إلى سياق الآية ومفرداتها ،لأنها تتحدث عن دخان آتٍ من جانب السماء ،كحقيقةٍ ملموسةٍ ،لا كحالةٍ وهميّةٍ تخيلها للإنسان إحساساته الأليمة .
ولكننا نجد ما يؤيّد التفسير الأول ،الذي تدعمه بعض الروايات التي تتحدث عن مجاعةٍ ابتليَ بها أهل مكة ،فإنهم لما أصروا على كفرهم وأذاهم للنبي( ص ) والمؤمنين به ،دعا عليهم النبي( ص ) «فقال: اللهم سنين كسني يوسف ،فأجدبت الأرض ،فأصابت قريشاً المجاعة ،وكان الرجل لما به من الجوع يرى بينه وبين السماء كالدخان ،وأكلوا الميتة والعظام ،وجاءوا إلى النبي( ص ) وقالوا: يا محمد جئت تأمر بصلة الرحم ..وقومك قد هلكوا ،فسأل الله تعالى لهم بالخصب والسعة ،فكشف عنهم ثم عادوا إلى الكفر »