{إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ} فقد جعل الله الإيمان من أسس الأخوّة ،تدخل في إطاره الحقوق التي فرضها للأخ على أخيه ،فإن الإيمان لحمةٌ كلحمة النسب ،وقد كثرت الأحاديث التي تؤكد على أن «المؤمن أخو المؤمن عينه ودليله ،لا يخونه ولا يظلمه ولا يغشه ،ولا يعده عدةً فيخلفه »[ 1] ،وأن «المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يغشه ولا يخذله ولا يغتابه ولا يخونه ولا يحرمه »[ 2] .
والمراد بالمؤمن في كل موارد القرآن ،المسلم الذي عاش الإيمان عقيدةً في قلبه والتزم بالإسلام في حياته ،ما يجعل الوحدة بين المسلمين تترسخ عبر الأخوّة الإسلامية الإيمانية التي جعلها الله قاعدةً للعلاقة فيما بينهم .
وإذا كان المؤمنون إخوة ،فإن النداء الإلهي يتوجه إليهم جميعاً ليصلحوا{فَأَصْلِحُواْ بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ} باعتبار أن الإصلاح من حقوق المؤمنين على بعضهم البعض ،ومسؤوليتهم في الحياة الاجتماعية الإسلامية ،التي يعتبر الجميع معنيين بتوازنها وتماسكها واستقامتها في خط الصلاح والإصلاح والوحدة ،{وَاتَّقُواْ اللَّهَ} في كل أموركم وعلى مستوى العلاقات كي لا تختلفوا بالباطل ،وفي خلافاتكم لتحلّوها على قاعدة التقوى المرتكزة على شريعة الله في ما جعله الله من الحقوق في الحياة العامة والخاصة للناس ،{لعلّكم تُرحمون} لأن الله جعل رحمته للمتقين والملتزمين بالسير على خط رضاه ،ولمن يلتزمون شريعته في أوضاعهم الفردية والاجتماعية ،لأن ذلك سبيل الوصول إلى النتائج الإيجابية على مستوى السلامة العامة للحياة ،الأمر الذي يربط الناس بالإسلام من خلال الرحمة الإلهية في شريعته ،واللطف الإلهي في رحمته ورضوانه .