{مَّن ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضاً حَسَناً} فيقدم للمواقع وللمواقف وللأشخاص ،في الموارد التي يريد الله للناس أن يبذلوا فيها ما يملكون من مالٍ وجهدٍ وقوةٍ ،تقرباً إليه ،وابتغاء فضله ،{فَيُضَاعِفَهُ لَهُ} فلا يكون حجم الثواب بقدر حجم العمل ،بل يزيد عليه من دون أن يضع حداً معيناً للزيادة ،فيترك للعامل أن يطوف بروحه في آفاق رحمة الله ،لتكون سعة الأمل عنده بقدر سعة رحمة الله ،وليستريح للنتائج الكريمة التي يوحي بها الله{وَلَهُ أَجْرٌ كَرِيمٌ} يرضاه لنفسه ،ويرضاه الله له .
ونلاحظ أن في التعبير بالقرض الحسن في ما يبذله الإنسان من جهدٍ مالي أو غير مالي ،إيحاءً بأن الله الذي رزق الإنسان جهده في ما أولاه من نعمه ،يجعل ذلك عملاً إنسانياً ذاتياً ينطلق من إرادة الإنسان واختياره ،تماماً كما لو كان الإنسان مستقلاً به ،مالكاً له ،فيعتبره الله قرضاً له ،بحيث يستحق به الأجر المماثل له أو المضاعف ،تماماً كأي قرضٍ ذاتيٍ في المعاملات الواقعة بين الناس ،في ما يقرضه أحدهم للآخر ،وذلك من خلال تكريم الله للإنسان وتفضله عليه ،ليجعله مستحقاً لما لا يستحقه في ذاته ،ليعيش إنسانيته في آفاق رحمة الله وفضله .