المؤمنون والمنافقون في ساحة القيامة
الساحة هي ساحة القيامة ،والمؤمنون والمؤمنات يتجمّعون في ما يشبه المسيرة الإيمانية التي تستعرض إشراقة الإيمان في روحيتهم ،والمنافقون والمنافقات يلتقون في ظلمة الروح التي تبحث عن بعضٍ من النور هنا ،أو بعضٍ من النور هناك .فكيف يصوِّر لنا القرآن هذا المشهد الفريد المميز في دلالاته وفي نتائجه على مستوى المصير هناك ؟
حال المؤمنين يوم القيامة
{يَوْمَ تَرَى الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ يَسْعَى نُورُهُم بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِم} فها هم ينطلقون في صورةٍ رائعة تحمل الفيض من النور الذي يتفايض من روحانيتهم المنطلقة من علاقتهم المخلصة بالله ،ومن تفكيرهم العميق الذي يحمل كل وضوح الرؤية في إشراقة الحقيقة ،ومن حركة العمل الخالص المخلص الممتد من الخط المستقيم في معنى الشريعة الإلهية ،فيسعى بين أيديهم ،كما كانت الحياة تتحرك أمامهم في ما يمنحونها من الخير والحق والعدل ،بحيث تشرق السعادة في مواقعهم ،كما العطاء في ساحة الحرمان ،والقوة في مواقع التحدي ،واللقاء أمام حالة الفراق ،لتتحول إلى نورٍ يضيء ساحات القيامة ،ويرتفع في آفاقها .
وينطلق النداء من الله ،لهذه المجموعات النورانية التي عاشت في نور الإيمان ،وتحركت في هداه ،وعاشت نتائجه الروحية المشرقة في الآخرة ..ويأتي النداء في انسياب الروح الفياضة بالخير والحب والعطاء{بُشْرَاكُمُ الْيَوْمَ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا} فهذا هو الثواب الإلهي المنطلق من رحمة الله في لطفه بعباده الذين أعطوا الحياة إشراقاً في عملهم الإيماني ،وأعطوا القيامة إشراقاً من خلال روحيتهم المنفتحة على محبة الله ،فأعطاهم النعيم الخالد في جنته ليستريحوا من عناء الجهد الذي بذلوه في ما جاهدوا به أنفسهم في مواجهة الانحراف ،وفي ما جاهدوا به الكفر والظلم والاستكبار في مواجهة التحدي الكافر والظالم والمستكبر ،ولينعموا بالحياة الجديدة في رعايته وعنايته من دون جهدٍ أو تعب أو عذاب{ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ} الذي يمثّل النجاح الذي لا فشل بعده ،والخير الذي لا شرّ معه ،والفرح الذي لا حزن معه .