قوله تعالى:{يوم ترى المؤمنين والمؤمنات يسعى نورهم بين أيديهم وبأيمانهم بشراكم اليوم جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها ذلك هو الفوز العظيم 12 يوم يقول المنافقون والمنافقات للذين آمنوا انظرونا نقتبس من نوركم قيل ارجعوا ورآءكم فالتمسوا نورا فضرب بينهم بسور له باب باطنه فيه الرحمة وظاهره من قبله العذاب 13 ينادونهم ألم نكن معكم قالوا بلى ولكنكم فتنتم أنفسكم وتربصتم وارتبتم وغرتكم الأماني حتى جاء أمر الله وغركم بالله الغرور 14 فاليوم لا يؤخذ منكم فدية ولا من الذين كفروا مأواكم النار هي مولاكم وبئس المصير} .
ذلك إخبار من الله عن أحوال الناس يوم القيامة وما يكابدونه حينئذ من صنوف الأهوال والأفزاع والبلايا .ويكتب الله النجاة والسلامة يومئذ للمؤمنين ليسلكوا سبيلهم إلى الجنة آمنين سعداء .ثم يبقى المنافقون الخاسرون في ظلمات الحشر يكابدون الشدة والخوف والحر والظمأ واليأس – نجّانا الله من ذلك .
وفي هذا يقول سبحانه:{يوم ترى المؤمنين والمؤمنات يسعى نورهم بين أيديهم وبأيمانهم} يوم ،منصوب على أنه ظرف .أو منصوب بإضمار الفعل ( اذكر ) تعظيما لذلك اليوم .وفي هذه الآية يخبر الله عن المؤمنين الصادقين أنهم يوم القيامة{يسعى نورهم بين أيديهم وبأيمانهم} أي يمضي نورهم أمامهم وبأيمانهم .
وذلك على قدر أعمالهم فيمرون به على الصراط .وقيل: ليس من أحد إلا ويعطي نورا يوم القيامة فإذا انتهوا إلى الصراط انطفأ نور المنافقين فأشفق المؤمنون أن ينطفئ نورهم كما انطفأ نور المنافقين فقالوا: ربنا أتمم لنا نورنا .وقوله:{بين أيديهم وبأيمانهم} لأن السعداء يؤتون صحائف أعمالهم من هاتين الجهتين كما أن الأشقياء يؤتونها من شمائلهم ووراء ظهورهم فجعل النور في الجهتين شعارا لهم وعلامة .
قوله:{بشراكم اليوم جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها ذلك هو الفوز العظيم} يقال يومئذ{بشراكم} أي لكم البشارة بجنات{تجري من تحتها الأنهار} لابثين ما كثين فيها أبدا لا تبرحون ولا تتحولون{ذلك هو الفوز العظيم} إنه الفوز الأكبر والسعادة الكبرى التي لا يعدلها فوز ولا سعادة .