قوله:{يوم يقول المنافقون والمنافقات للذين آمنوا انظرونا نقتبس من نوركم} وذلك مما يقع يوم القيامة من شديد الأهوال وفظيع المشاهد ،وحينئذ لا ينجو من البلاء والكرب إلا من كتب الله له نجاة .وقد قيل: يغشى الناس يوم القيامة ظلمة شديدة لا يرون فيها شيئا فيعطي المؤمنون نورا يستضيئون به ،ويترك الكافرون والمنافقون من غير نور ،فيتيهون ويخبطون لا يرون شيئا فيلجّون حائرين مذعورين فيقولون للذين آمنوا:{انظرونا نقتبس من نوركم} أي انتظرونا لكي نصيب من نوركم فنستنير به ونستضيء .وقال ابن عباس: بينما الناس في ظلمة إذ بعث الله نورا فلما رأى المؤمنون النور توجهوا نحوه وكان النور دليلا من الله إلى الجنة .فلما رأى المنافقون والمنافقات المؤمنين قد انطلقوا اتبعوهم فأظلم الله على المنافقين فقالوا حينئذ{انظرونا نقتبس من نوركم} فإنا كنا معكم في الدنيا فقال لهم المؤمنون:{ارجعوا وراءكم فالتمسوا نورا} أي ارجعوا وراءكم ،من حيث جئتم من الظلمة فالتمسوا هنالك النور .
قوله:{فضرب بينهم بسور له باب باطنه فيه الرحمة وظاهره من قبله العذاب} والمراد بالسور ،حائط يحول بين شق الجنة وشق النار ،قيل هو الأعراف .ولهذا السور باب لأهل الجنة يدخلون منه ،وباطن السور وهو الشق الذي يلي الجنة{فيه الرحمة} أي الجنة .{وظاهره} يعني ما ظهر لأهل النار منه ،من جهته{العذاب} أي النار .
فالمراد بذلك سور يضرب يوم القيامة ليفصل بين المؤمنين والمنافقين ويكون بينهم حاجزا .فإذا انتهى إليه المؤمنون دخلوه من بابه فإذا استكملوا دخولهم أغلق الباب وبقي المنافقون من ورائه في الحيرة والظلام والعذاب ،وقد كانوا في الدنيا في جهالة وكفران وباطل .