/م12
المفردات:
انظرونا: انتظرونا أو أمهلونا .
نقتبس: أصل الاقتباس: طلب القبس ،أي: الجذوة من النار ،والمراد نستضيء ونهتدي بنوركم .
السور: الحاجز .
من قبله: من جهته .
التفسير:
13-{يَوْمَ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتُ لِلَّذِينَ آَمَنُوا انْظُرُونَا نَقْتَبِسْ مِنْ نُورِكُمْ قِيلَ ارْجِعُوا وَرَاءَكُمْ فَالْتَمِسُوا نُورًا فَضُرِبَ بَيْنَهُمْ بِسُورٍ لَهُ بَابٌ بَاطِنُهُ فِيهِ الرَّحْمَةُ وَظَاهِرُهُ مِنْ قِبَلِهِ الْعَذَابُ} .
ما أشد هول هذا اليوم ،إنه يوم الجزاء ،فالدنيا عمل ولا حساب ،والآخرة حساب ولا عمل .
والمعنى:
انظر يا كل من يتأتى منه النظر ،الجزاء الحسن للمؤمنين ،نورهم يسعى أمامهم وعن يمينهم ،وتبشرهم الملائكة بالجنة ،ويُحبس المنافقون في ظلام دامس:{ظُلُمَاتٌ بَعْضُهَا فَوْقَ بَعْضٍ إِذَا أَخْرَجَ يَدَهُ لَمْ يَكَدْ يَرَاهَا وَمَنْ لَمْ يَجْعَلِ اللَّهُ لَهُ نُورًا فَمَا لَهُ مِنْ نُورٍ} ( النور: 40 ) .
عندئذ يمر المؤمنون في موكب التكريم والتعظيم ،والنور المبين ،فيقول المنافقون للمؤمنين: انتظرونا حتى نستضيء بجزء من نوركم ،ونسير فيه إلى الجنة ،فيقول المؤمنون لهم: ارجعوا إلى الدنيا ،فاعملوا العمل الصالح الذي يكسبكم النور يوم القيامة ،وهو تهكم بهم لأنه لا رجعة إلى الدنيا أبدا بعد القيامة ،كما أن اللبن يعود إلى الضرع بعد أن يُحلب منه ،ولله در القائل:
صاح هل ريِْتَ أو سمعت براع *** ردّ في الضرع ما قرى في الحلاب
لقد كان المنافقون يستهزئون بالمؤمنين في الدنيا ،فرد الله لهم جزاء وفاقا ،وذلك ما عناه سبحانه بقوله:{الله يستهزئ بهم ويمدّهم في طغيانهم يعمهون} .( البقرة: 15 ) .
{فضرب بينهم سور له باب ...}
أي: ضُرب بين المؤمنين والمنافقين بحاجز له باب يحجز بين أهل الجنة وأهل النار .
{بَاطِنُهُ فِيهِ الرَّحْمَةُ وَظَاهِرُهُ مِنْ قِبَلِهِ الْعَذَابُ ...} .
يفصل الله تعالى بين أهل الجنة وأهل النار بهذا السور الذي يحجز بين الفريقين ،جانب السور الذي يلي المؤمنون فيه الجنة والرحمة والثواب والنعيم ،وظاهر هذه السور وجانبه الذي يلي المنافقين والكفار يكون من جهته العذاب الأليم .
قال ابن كثير: هو سور يضرب يوم القيامة ليحجز بين المؤمنين والمنافقين ،فإذا انتهى إليه المؤمنون دخلوه من بابه ،فإذا استكملوا دخولهم أغلق الباب ،وبقي المنافقون من ورائه في الحيرة والظلمة والعذاب ،كما كانوا في الدار الدنيا في كفر وشك وحيرة .