{ظُفُرٍ}: الظفر ظفر الإنسان وفي غيره قال:{كُلَّ ذِي ظُفُرٍ} أي: ذي مخالب ،ويعبّر عن السلاح به تشبيهاً بظفر الطائر إذ هو له بمنزلة السِّلاح .
{الْحَوَايَآ}: المصارين والأمعاء لأنها تحوي الفضلات ،وقيل: كل ما تحويه البطن ،وقيل: المباعر .
{وَعَلَى الَّذِينَ هَادُواْ حَرَّمْنَا كُلَّ ذِي ظُفُرٍ} ذكر في مجمع البيان ،أن المفسرين اختلفوا في معناه ،فقيل: هو كل ما ليس بمنفرج الأصابع كالإبل والنعام والإوزّ والبط ،عن ابن عباس وسعيد بن جبير وقتادة ومجاهد والسدي ،وقيل: هو الإبل فقط عن ابن زيد ،وقيل: يدخل فيه كل السباع والكلاب والسنانير وما يصطاد بظفره عن الجبائي ،وقيل: كل ذي مخلب من الطير وكل ذي حافر من الدواب عن القتيبي والبلخي[ 5] .ونلاحظ أن الاختلاف هنا في التخصيص والتعميم ،مما هو خارجٌ عن نطاق مدلول الآية في إطلاقها ،لأن الظاهر من كلمة{ذِي ظُفُرٍ} هي ذوات الأظفار بشكل كليّ ،كما تشير إليه كلمة{كُلَّ} ،أمَّا ما هو غير ذلك ،أو ما يخصص ذلك بمورد خاص ،فلا بد من الرجوع فيه إلى أحاديث السنّة .
ما هو محرم من البقر والغنم
{وَمِنَ الْبَقَرِ وَالْغَنَمِ حَرَّمْنَا عَلَيْهِمْ شُحُومَهُمَآ} مما هو في أجوافهما{إِلاَّ مَا حَمَلَتْ ظُهُورُهُمَآ} من الشحم ،وهو المتّصل باللحم السمين في الظهر{أو الحوايا} وهي المصارين والأمعاء ،لأنها تحوي الفضلات ،وقيل الحوايا: كل ما تحويه البطن ،فإن الشحوم المتصلة بها غير محرّمة ،وقيل هي المباعر ..{أَوْ مَا اخْتَلَطَ} وهو شحم الجنب والإلية لأنه على العصعصوهو عجب الذنب وعظمه.
{ذَلِكَ جَزَيْنَاهُم بِبَغْيِهِمْ} فقد عاقبهم الله على عدوانهم ،بتشديد القيود عليهم في مآكلهم ..فقد كانت أحكام التحريم المتنوعة عقوبةً لهم على قتلهم الأنبياء وأخذهم الربا واستحلالهم أموال الناس بالباطل ،كما جاء في الآية الكريمة:{فَبِظُلْمٍ مِّنَ الَّذِينَ هَادُواْ حَرَّمْنَا}[ النساء:160] .
وفي مجمع البيان: وقيل إن ملوك بني إسرائيل كانوا يمنعون فقراءهم من أكل لحوم الطير والشحوم ،فحرّم الله ذلك ببغيهم على فقرائهم ،ذكره علي بن إبراهيم في تفسيره .ويتساءل صاحب مجمع البيان حول موضوع انطلاق التكليف من موقع العقوبة ،فيتابع قائلاً: ويُسأل فيقال: كيف يكون التكليف عقوبةً ،وهو تابعٌ للمصلحة وتعريضٌ للثواب ؟وجوابه أنه إنما سمي جزاءً وعقاباً ،لأنّ عظيم ما فعلوه من المعاصي اقتضى تحريم ذلك وتغيير المصلحة فيه ،ولولا عظم جرمهم لما اقتضت المصلحة ذلك .
ونلاحظ على ذلك ،أنّ مثل هذه التعليلات الاعتراضية والجوابيّة ،خاضعٌ للمدرسة العقليّة الفلسفية التي تحاول أن تخضع خطّ التكاليف للمصالح والمفاسد الكامنة في طبيعة الأشياء ،ولكننا نعتقد أن من الممكن أن تكون المصالح والمفاسد كامنةً في إصدار الأحكام ،وذلك من ناحية تأديبيّة ،في ما تقتضيه خطّة التأديب التي تفرض على الناس تنفيذها إلى مرحلة معينة ،كما نجده في ما حكاه الله عن عيسى( ع ):{وَلأحِلَّ لَكُم بَعْضَ الَّذِي حُرِّمَ} [ آل عمران:50] وربما كان هذا هو مقصود صاحب مجمع البيان .
{وِإِنَّا لَصَادِقُونَ} في ما نخبركم به من قضايا التحريم في الماضي وفي الحاضر ،