المفردات:
كل ذي ظفر: أي: كل ما له أصبع من الإبل ،والسباع ،والطيور .
شحومهما: جمع شحم .وهو الدهن .
إلا ما حملت ظهورهما: أي: إلا ما وجد من الشحم فوق ظهورهما .
أو الحوايا: أي: وإلا الشحوم التي تغطي الأمعاء .
أو ما اختلط بعظم: أي: وإلا ما اختلط من الشحم بعظم ،كالإلية .
ببغيهم: أي: بسبب ظلمهم .
التفسير:
وعلى الذين هادوا حرمنا كل ذي ظفر ...الآية .
أي: وعلى اليهود دون غيرهم بسبب ظلمهم ،حرم الله جميع ماله إصبع غير منفرج ،كالإبل والنعام والأوز والبط .
قال مجاهد: كل ذي ظفر .هو كل شيء لم تنفرج قوائمه من البهائم ،وما انفرج أكلته اليهود .
قال: انفرجت قوائم الدجاج والعصافير ،فيهود تأكله ،ولم ينفرج خف البعير ولا النعامة ،ولا قائمة الأوز ،فلا تأكل اليهود الإبل ،ولا النعام ،ولا كل شيء لم تنفرج قائمته كذلك .
ومن البقر والغنم حرمنا عليهم شحومها .
والشحم: هو المادة الدهنية التي تكون في الحيوان ،وبها يكون لحمه سمينا ،والعرب تسمى سنام البعير ،وبياض البطن: شحما ،وغلب إطلاق الشحم على ما يكون فوق أمعاء الحيوان .
والمعنى: كما حرمنا على اليهود كل ذي ظفر ،فقد حرمنا عليهم كذلك من البقر والغنم شحومها الزائدة التي تنتزع بسهولة .ثم استثنى سبحانه من الشحوم المحرمة على اليهود ما يأتي:
إلا ما حملت ظهورهما .
أي: إلا الدهون التي توجد فوق ظهور البقر والغنم أو الحوايا .وهي المباعر التي يجتمع فيها البعر ،فما حملته من الشحم غير حرام .
أو ما اختلط بعظم .
ما لصق بالعظام من الشحوم في جميع مواضع الحيوان ،ومنه الإلية فإنها لاصقة بعجب الذنب .وهو آخر فقرات الظهر .
ذلك جزيناهم ببغيهم .
أي: ذلك التحريم الذي حكمنا به عليهم إنما ألزمناهم به ،بسبب بغيهم وظلمهم وتعديهم حدود الله تعالى .
قال قتادة: وإنما حرم عليهم ما ليس بخبيث عقوبة لهم وتشديدا عليهم .اه .
إن اليهود قتلوا الأنبياء وأكلوا الربا ،وأكلوا أموال الناس بالباطل كما قال تعالى:
فبظلم من الذين هادوا حرمنا عليهم طيبات أحلت لهم ..( النساء: 160 )
وكانوا كلما أتوا معصية ،عوقبوا بتحريم شيء مما أحل لهم ،وهم ينكرون ويدعون أنها كانت محرمة على الأمم قبلهم .
وإنا لصادقون .
هذا إخبار من الله عز وجل بأنه صادق في كل ما بينه ،ومنه بيان صدقه فيما أحل وحرم بالنسبة لليهود .
ولما حرم الله الشحوم على اليهود ،تحايلت على ذلك فأذابوها ثم باعوها وأكلوا ثمنها ،وما حرم الله شيئا إلا حرم بيعه ،وحرم أكل ثمنه ،مثل: الخمر والميتة والخنزير والأصنام .
جاء في تفسير ابن كثير: عن ابن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: لعن الله اليهود – ثلاثا – إن الله حرم عليهم الشحوم فباعوها وأكلوا ثمنها ،وإن الله لم يحرم على قوم أكل شيء إلا عليهم ثمنه ( 11 ) .