خسران المكذبين بلقاء الله
ثم أراد الله أن يبيّن لهم الحقيقة على مستوى القاعدة ،ليتأمل الإنسان ويعيد النظر في حسابات الربح والخسارة في عمله أمام الله .
{قَدْ خَسِرَ الَّذِينَ كَذَّبُواْ بِلِقَآءِ اللَّهِ} لأنهم لم يستعدّوا لذلك ،انطلاقاً من إنكارهم له ،فعاشوا الغفلة كل الغفلة لما ينتظرهم من حساب الله وعقابه .
{حَتَّى إِذَا جَآءَتْهُمُ السَّاعَةُ} من دون انتظار ،وهم سادرون في غيّهم ولهوهم وعبثهم وغفلتهم{قَالُواْ يحَسْرَتَنَا عَلَى مَا فَرَّطْنَا فِيهَا} أخذوا يشعرون بالحسرة التي تثقل وجدانهم وتضغط على مشاعرهم ،وتثير انفعالاتهم ..فقد فرّطوا في يوم القيامة ،فلم يعملوا على ربح الموقف فيه ،من خلال سلامة الموقف في الدنيا ،{وَهُمْ يَحْمِلُونَ أَوْزَارَهُمْ عَلَى ظُهُورِهِمْ} فهم لم يكتفوا بترك العمل للجنة ،بل أثقلوا ظهورهم بالأحمال الثقيلة بكفرهم وعصيانهم وانحرافهم وتمردهم ،وذلك هو مغزى التعبير بالأوزار على الظهور ،للإيحاء بأن الانحراف عن خط الله في العقيدة والعمل يثقل روح الإنسان وضميره وحياته ومصيره ..فاستعار الثقل المادي للثقل المعنويّ .
{أَلاَ سَآءَ مَا يَزِرُونَ} وأيّ سوءٍ أشدّ من العناء الذي يلاقيه الإنسان من أحمالٍ ثقيلةٍ ينوء بها ،ثم تلقي بهبعد ذلكفي أعماق الهاوية ،من دون أن يجني من تعبه إلاَّ الخسران والعذاب ؟!وتلك هي الحسرة الكبرى التي يواجه فيها الإنسانبعد العناء الطويلالخسران الكبير .