{وَقَالَ نُوحٌ رَّبِّ لاَ تَذَرْ عَلَى الأرْضِ مِنَ الْكَافِرِينَ دَيَّاراً} أي شخصاً حيّاً يعيش في داره ليتحرك فيها في ساحة الحياة ،فلا بدّ من إهلاك كل الجيل القديم الذي تربّى على الكفر وأصرّ عليه واستغرق فيه ،حتى أصبح الكفر جزءاً من ذاته ،لينشأ جيلٌ جديدٌ على الإيمان وتقوى الله من أجل أن يبني الحياة بناءً قائماً على الحق والخير والعدل .
ولم ينطلق نوح في هذا الدعاء المدمّر من عقدةٍ نفسية مستحكمةٍ في داخله ،كما يفعل البعض من الناس عندما يواجهون التحدي والتمرّد والعناد من الآخرين الذين يرتبطون بهم من خلال الدعوة ،أو من خلال أشياء أخرى ،بل انطلق من خلال دراسةٍ طويلةٍ شاملةٍ عميقةٍ ،استنفد فيها كل التجارب ،فلم يعد هناك أيّ أملٍ في هدايتهم ،بل أصبحت المسألة مسألة الخطر الذي يمثله وجود هؤلاء على الأجيال القادمة من أولادهم ،