{وَجَعَلْنَا اللّيْلَ لِبَاساً} ليلبس الكون لباس الظلام فيه ،ليمنح الأشياء المتحركة فيه ،الخائفة من بعض مواقع الضوء المسلّطة عليها ،بعض الأمن في اللباس الكوني الذي يحجبها عن عيون الخطر الكامن في بعض مواقع الوجود ،كما يمنح حركة الصراع ،في ما بين الموجودات المتنوعة التي جعل بعضها غذاء لبعض ،لوناً من ألوان الحيويّة التي تستفيدها في أجواء الخفاء التي يثيرها الظلام .وهو بعد ذلك يمنح اللباس الذي يعطي الأمن والراحة للعري الوجودي الذي يفضحه النور في النهار ،كما يفسح المجال لألوانٍ من العري الباحث عن اللذة بعيداً عن الأعين ،ليجد في الليل لباسه الطبيعي الذي لا يتنافى مع حقيقته ليخفيه عن الأعين من دون أن يسيء إليه .
ولعل أجواء هذا اللباس الذي يلفّ الصورة بظلامه ،هو اللباس الذي يزحف إلى العيون ليبث فيها الاسترخاء ،فيما يدفعها إلى النوم بألوانه الهادئة التي تثير الخدر في الجسد ،والغيبوبة في الروح .