{وَجَعَلْنَا نَوْمَكُمْ سُبَاتاً} في ما توحي به كلمة السُّبات من معنى الراحة والدعة ،فقد أراد الله للإنسان في جسده المتعب المكدود من خلال العمل الذي يبذل فيه جهداً كبيراً ،أن يرتاح ويسترخي ويغرق في غيبوبةٍ محدودةٍ تفصله عن الجوّ الذي يحيط به ،فلا يتأثر بآلامه ومشاكله ،ولا تضغط عليه أوضاعه وتحدياته ،وتمنحه السكون الذي يمتنع معه عن أيّة حركةٍ ترهق الأعصاب وتتعب الجسد ،لتصفو روحه في هدوء الأحلام الغائمة الغارقة في ضباب السكون ،وليرتاح جسده في لحظات التوقّف عن النشاط الحركي ،في حالة الاستغراق في الاسترخاء ليعود الإنسانبعد ذلكإنساناً جديداً في نشاطه العملي ،وحركته المنفتحة على حاجات الواقع ،ليكون النوم حالة موت مع وقف التنفيذ ،فاصلاً بين حياتين ،حياةٍ أتعبها الجهد فاستسلمت للنوم لترتاح ،وحياةٍ تتحفّز لجهد الإنسان في حركته الدائبة منفتحاً على السكون ،وفي صراعه العنيف منفتحاً على الهدوء والسلام ،كما يكون السكون شرطاً واقعياً لتوازن الحركة مع قضية الحياة ،وليكون السلام الهادىء في غيبوبة الجسد عن حركة الصراع ،لوناً من ألوان الإيحاء بصراعٍ جديدٍ يتنفس بالقوّة أو يحمل مشاعر سلام جديد .