ويمتلىء الوجدان في تطلعاته ،والقلب في نبضاته ،والروح في إيحاءاتها ،بالتعبئة الروحية في الإحساس بعلو الله وعظمته وخلقه وتقديره وتدبيره وإخراجه المرعى ،فإذا بالإنسانالنبيّ ،أو الإنسانالداعية ،مفتوح الفكر لتلقي آيات الله بوعي ،منفتح الروح على وحيه ،في ما هو الإعداد النفسي لحمل الرسالة ،والانفتاح على المسؤولية في حركتها ...
ويأتي الخطاب من الله ،ليعدّ النبي للمهمة{سَنُقْرِئُكَ} كل الوحي الذي تتحمل مسؤولية وعيه في نفسك ،وإبلاغه إلى الناس ،وسنملأ قلبك به ،وسيتعمّق في كيانك{فَلاَ تَنسَى} شيئاً منه ،لأن النسيان لن يحصل إلا للذين يعيشون وعي القضايا في أجواء مشاغلهم وهمومهم واهتماماتهم ،ولكنك تستوعبه وتحتضنه في وجدانك من خلال عمق الوعي وعمق المسؤولية ،في أجواء اللطف الإلهي الذي يشرق في فكرك نوراً ،وفي روحك روحاً ،وفي مشاعرك طهراً وصفاءً ،فلا يدنو النسيان إلى فكرك ،ولا تقترب الغفلة من قلبك ،لأن المسألة في القرآن ليست مسألتك الشخصية ،في ما يتصل بحياتك الخاصة ،وليست مسألة المرحلة الزمنية المحدودة ،في ما يحكم حاجة تلك المرحلة ،بل هي مسألة الإنسانية كلها في ما تحتاجه من رسالة الله ،ومسألة الزمن كله ،في ما يخضع له من إشراف الوحي على حركة الأوضاع العامة والخاصة المتحركة فيه