{إِلاَّ مَا شَآءَ اللَّهُ} لأنك خاضع لمشيئته دائماً ،كما هي كل حركة الوجود في مختلف أوضاعها في خضوعها للتدبير الإلهي ،فلا تظنن أنك بمنأى عن الإمكانات المتحركة المتطورة في ما يمكن أن يعرض عليك من طوارىء ،بل عليك أن تترقب المتغيرات التي قد تحدث من خلال مشيئةٍ جديدةٍ لله في أمرك ،في ما يريد الله من قضايا في خطوط التدبير الإلهيّ ،فقد تتعلق مشيئته بأن تنسى بعضاً منه ،وربما لا يحصل شيءٌ من ذلك كما لم يحصل شيءٌ منه ..
وذلك هو الخطّ القرآني العريض الذي يعمل على أن يؤكد في خط العقيدة التوحيديةفي ما يتضمنه الوعي الإنساني في ذلك ،الحاجة المطلقة لله في كل الحالات الإنسانية ،فلا يستسلم للثقة بقدرته ووضعه المستقر ،بل يبقى منتظراً للمشيئة الإلهية في ما يخفى من بواطن الأمور ،لأنّ الله هو الذي يعلم الغيب كله ،كما يعلم الحس كله ،{إِنَّهُ يَعْلَمُ الْجَهْرَ وَمَا يَخْفَى} فهما سيّان لديه ،لأن كل ما في داخلهما جزءٌ من خلقه ومن إرادته ،فهو الذي يقرّر للإنسان ما يختاره من ذلك كله .
وقد نستوحي من التأكيد على الإقراء مع عدم النسيان ،أنّ عملية الوعي الحاضر للقرآن واستيعاب آياته وحفظه في دائرة الاستغراق في كلماته ومعانيه ،يمثِّل قاعدةً قرآنيةً إسلاميّةً للدعاة إلى الله ،لا بدّ لهم من أن يتوفّروا عليها ،باعتبار أنها تمثل الأساس في القاعدة الفكرية النفسية لإبلاغ الرسالة في وعيٍ عامل حاضرٍ للمصدر الأساس للرسالة وهو القرآن .