مجاهدة المؤمنين بأموالهم وأنفسهم
ولكن المنافقين لا يمثّلون الظاهرة العامة الشاملة للمجتمع الإسلامي ،ليتشاءم المتشائمون من إمكانية انطلاق الإسلام في الحياة في مواجهة التحديات الكبيرة الضاغطة ،باعتبار ما يمثله وجودهم من عوائق وحواجز أمام اندفاع المسيرة ،بل هم مجرد جماعةٍ محدودةٍ ،لها حدودها الخاصة في ما تستطيع عمله ،ولها سلبياتها المعيّنة في ما يمكن أن تسيء به إلى الساحة ،ولكنها لا تستطيع أن تُهدّم الكيان وتهزم المعركة وتعطّل المسيرة ،لأن هناك القيادة الرسالية الواعية المتمثلة بالنبيّ والمؤمنين معه ،الذين يحملون على أكتافهم عبء الجهاد ،ويقودون المعركة إلى النصر ،ويواجهون التحديات بروح التضحية في سبيل الله ،في ارتباطٍ وثيقٍ بين القيادة والقاعدة ،لا تلغي فيه القيادة دور القاعدة ،كما لا تبتعد فيه القاعدة عن خط القيادة ،بل هو الخط الواحد الذي تثبّته القيادة بالفكر والوعي والإيمان وتغنيه القاعدة بالتجربة والمعاناة والإخلاص .
المجاهدون مصيرهم الجنات
{لَكِنِ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ مَعَهُ} هم الذين أعطوا الأمل الكبير للساحة من موقع التحرك الواقعي الذي يبحث عن أدوات الواقع من أجل تغيير المواقع ،ولا يتجمّد أمام أحلام المثاليّة الخياليّة ،وتلك هي وسائل الجهاد ،فقد{جَاهَدُواْ بِأَمْوَالِهِمْ} في ما يحتاج إلى التضحية بالأموال{وَأَنفُسِهِمْ} في ما يحتاج إلى بذل النفوس في سبيل الله ،لأن فكرة الجهاد في الإسلام ليست منطلقةً من السيطرة الذاتية للاستعلاء على الناس وسحق إرادتهم وتحطيم مستقبلهم ،بل هي منطلقةٌ من تحقيق إرادة الله في بناء الحياة على أساس رسالته ،في ما يريد للحياة أن ترتكز عليه .
{وَأُوْلَئِكَ لَهُمُ الْخَيْرَاتُ} التي تمثل النتائج الطبيعيّة لأعمالهم الخيّرة على مستوى الدنيا والآخرة{وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} لأنهم أخذوا بأسباب الفلاح في العقيدة والعمل ،في ما أخذوه من الإيمان بالله ورسوله واليوم الآخر ،وساروا على شريعته المرتكزة على أساس وحيه ،وواجهوا كل القوى الكافرة والشرّيرة من أجل حماية الحياة من كفرهم وشرورهم .