/م86
{ لكن الرسول والذين آمنوا معه جاهدوا بأموالهم وأنفسهم} هذا استدراك على قعود المنافقين عن الجهاد مع الرسول صلى الله عليه وسلم عملا بداعي الإيمان ، وأمر الله في القرآن ، لأن ما جروا عليه من النفاق قد طبع على قلوبهم بمقتضى سنة الله تعالى في التأثير والارتباط بين العقائد والأعمال ، والفعل والانفعال ، فهم لا يفقهون ما أمروا به فيعملوا به ، لكن الرسول والذين آمنوا به وكانوا معه في كل أمور الدين لا يفارقونه ، قد جاهدوا بأموالهم وأنفسهم فقاموا بالواجب خير قيام ، كما يقتضيه الإيمان والإسلام ، وما كان أولئك المنافقون الجبناء البخلاء بأهل للقيام بهذه الأعباء ، كما تقدم فيما وصفوا به من الآيات ، ولا سيما آية{ لو خرجوا فيكم ما زادوكم إلا خبالا} [ التوبة:47] .
{ وأولئك لهم الخيرات} عطف جزاءهم على جهادهم ولم يذكره مفصولاً مستأنفاً كقوله السابق في المؤمنين والمؤمنات{ أولئك سيرحمهم الله}[ التوبة:71] ، وقوله:{ أولئك على هدى من ربهم} [ البقرة:5] الآية ؛ لأنه تتمة لبيان حالهم المخالفة لحال المنافقين بدءا وانتهاء وعملا وجزاء ، أي وأولئك المجاهدون البعيدو المنال في معارج الكمال لهم دون المنافقين الخيرات التي هي ثمرات الإيمان والجهاد ، من شرف النصر ، ومحو كلمة الكفر ، واجتثاث شجرة الشرك ، وإعلاء كلمة الله ، وإقامة الحق والعدل بدين الله ، والتمتع بالغنائم والسيادة في الأرض .
{ وأولئك هم المفلحون} أي الفائزون بسيادة الدنيا مع سعادة الآخرة ، دون أولئك المنافقين الذين حرموا منهما بنفاقهم ، وما له من سوء الأثر في أعمالهم وأخلاقهم .وتقدم مثل هذا وما يناسبه ويؤيده مكررا في هذا السياق .