{حِلٌّ}: حالّ ،أي ساكن .
{وَأَنتَ حِلٌّ بِهَذَا الْبَلَدِ} أي حالٌّ مقيمٌ فيه ،لتطلق منه حركة الرسالة ،وتعاني الكثير من الجهد والمشقة في سبيلها ،وتنطلق به إلى الناس ،في ما تكفله من الساحة الواسعة التي يلتقي فيها الناس للحج والتجارة والثقافة ،فتجد في ذلك الفرصة الكبيرة لإيصال الدعوة إليهم جميعاً في ما تحرِّكه من مواقف مؤيّدةٍ أو معارضةٍ .وبذلك ،يأخذ هذا البلد في وجودك فيه ،وحركتك في مواقع الرسالة ،شرفاً عظيماً وأهميَّةً كبيرةً جديدةً ،لأن عظمته كانت من خلال وجود بيت الله فيه في ما فرضه من حجّ الناس إليه ،وصلاتهم عنده ،ما يجعل من موقعك فيه موقعاً جديداً لشرفه ورفعته .
وهناك تفسير آخر لهذه الفقرةكما جاء في الميزانوهو: «أن الجملة معترضةٌ بين القسم والمقسم به والمراد بالحل المستحل الذي لا حرمة له »[ 1] .ثم ينقل عن الكشاف:
قال في الكشاف: «واعترض بين القسم والمقسم عليه بقوله:{وَأَنتَ حِلٌّ بِهَذَا الْبَلَدِ} يعني ومن المكابدة أن مثلك على عظم حرمتك يستحل بهذا البلد الحرام كما يستحل الصيد في غير الحرمعن شرحبيليحرمون أن يقتلوا بها صيداً ويعضدوا[ 2] بها شجرة ويستحلّون إخراجك وقتلك .وفيه تثبيتٌ من رسول الله ( صلى الله عليه وسلّم ) وبعثٌ على احتمال ما كان يكابد من أهل مكة ،وتعجيبٌ من حالهم في عداوته ،أو سلّى رسول الله( ص ) بالقسم ببلده على أن الإنسان لا يخلو من مقاساة الشدائد .واعترض بأن وعده فتح مكة تتميماً للتسلية والتنفيس عنه ،فقال:{وَأَنتَ حِلٌّ بِهَذَا الْبَلَدِ} يعني وأنت حلٌّ به في المستقبل ،تصنع فيه ما تريد من القتل والأسر ...»[ 3] .ومحصل هذا الكلام «تفسير الحل بمعنى المحل ضد المحرم ،والمعنى: وسنحل لك يوم فتح مكة حيناً فتقاتل وتقتل فيه من شئت »[ 4] .وهو خلاف الظاهر .