قوله تعالى في وصفهم:{صم} خبر لمبتدأ محذوف .أي هم صم ؛و{صم} جمع أصم ؛و "الأصم "الذي لا يسمع ،لكنه هنا ليس على سبيل الإطلاق ؛بل أريد به شيء معين: أي هم صم عن الحق ،فلا يسمعون ؛والمراد نفي السمع المعنوي .وهو السمع النافع ؛لا الحسي .وهو الإدراك ؛لأن كلهم يسمعون القرآن ،ويفهمون معناه ،لكن لما كانوا لا ينتفعون به صاروا كالصم الذين لا يسمعون ؛وذلك مثل قول الله تعالى:{ولا تكونوا كالذين قالوا سمعنا وهم لا يسمعون}( الأنفال: 21 ) .
قوله تعالى:{بُكْمٌ} جمع أبكم ؛وهو الذي لا ينطق ؛والمراد أنهم لا ينطقون بالحق ؛وإنما ينطقون بالباطل ؛و{عُمْيٌ} جمع أعمى ؛والمراد أنهم لا ينتفعون بما يشاهدونه من الآية التي تظهر على أيدي الرسل .عليهم الصلاة والسلام ..
فبهذا سُدت طرق الحق أمامهم ؛لأن الحق إما مسموع ؛وإما مشهود ؛وإما معقول ؛فهم لا يسمعون ،ولا يشهدون ؛كذلك أيضاً لا يؤخذ منهم حق ؛لأنهم لا ينطقون بالحق ؛لأنهم بُكم ؛فهم لا ينتفعون بالحق من غيرهم ،ولا ينفعون غيرهم بحق ..
قوله تعالى:{فهم لا يرجعون}: الفاء هذه عاطفة ،لكنها تفيد السببية .أي بسبب هذه الأوصاف الثلاثة لا يرجعون عن غيِّهم ؛فلا ينتفعون بسماع الحق ،ولا بمشاهدته ،ولا ينطقون به ..
/خ18