{ صم بكم عمي} أي إنهم فقدوا منفعة السمع الذي يؤدى إلى النفس ما يلقيه المرشدون إليها من الحجج القاطعة ، والدلائل الناصعة ، فلا يصيخون إلى وعظ واعظ ، ولا يصغون لتنبيه منبه ،"فما أضيع البرهان عند المقلد "بل لا يسمعون وإن أصاخوا ، ولا يفقهون إن سمعوا ، فكأنهم صم لم يسمعوا – وفقدوا منفعة الاسترشاد بالقول وطلب الحكمة من معاهدها ، فلا يسألون بيانا ، ولا يطلبون برهانا ، وفقدوا خير منافع الأبصار ، وهو نظر الاستفادة والاعتبار ، فلا يرون ما يحل بهم من الفتن فينزجروا ، ولا يبصرون ما تتقلب به أحوال الأمم فيعتبروا ،{ فهم لا يرجعون} عن ضلالتهم ، ولا يخرجون من ظلماتهم ، لأن من وقع في أرض فلاة في ليلة مظلمة وفقد فيها جميع حواسه لا يمكنه أن يسمع صوتا يهتدي به ، ولا أن يصبح هو لينقذه من يسمعه ، ولا أن يرى بارقا يؤمه ويقصده ، فهو لا يرجع من تيهه ، بل يظل يعمه في الظلمات ، حتى يفترسه سبع ضار ، أو يصل إلى شفا جرف هار ، فينهار به في شر قرار{ وما للظالمين من أنصار}