{لكيلا تأسوا على ما فاتك} أي: أخبرناكم بأن كل مصيبة تقع فهي في كتاب ،{لكيلا تأسوا} اللام للتعليل ،وكي بمعنى أن ،أي: لأن لا تأسوا ،ومعنى تأسوا تندمواعلى ما فاتكم مما تحبون{ولا تفرحوا بما آتاكم} أي: لا تفرحوا فرح بطر واستغناء عن الله بما آتاكم من فضله ،فإذا علمت أن الشيء مكتوب من قبل فلا تندم على ما فات لأنه مكتوب ،والمكتوب لابد أن يقع ،ولا تفرح فرح بطر واستغناء إذا آتاك الله الفضل ،لأنه من الله مكتوب من قبل ،فكن متوسطاً لا تندم على ما مضى ،ولا تفرح فرح بطر واستغناء بما آتاك الله من فضله ،لأنه من الله ،وفي الحديث الصحيح عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم أنه قال: «المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف » .القوي في إيمانه وليس القوي في بدنه ،وأصحاب الرياضة يجعلون هذا عنواناً: «المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف » ويقول: المراد بالمؤمن القوي في بدنه .وهذا غلط ،( المؤمن القوي ) هنا وصف يعود إلى ما سبقه وهو الإيمان ،«المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف ،وفي كل خير » ،وهذا يسميه البلاغيون الاحتراس ،بمعنى أنه قد يظن الظان أن الضعيف لا خير فيه ،قال: «وفي كل خير » ثم قال: «احرص على ما ينفعك واستعن بالله ولا تعجز ،وإن أصابك شيء فلا تقل: لو أني فعلت كذا لكان كذا وكذا ،ولكن قل: قدر الله وما شاء فعل ،فإن لو تفتح عمل الشيطان »والإنسان إذا علم أن كل شيء مقدر ولابد أن يقع رضي بما وقع ،وعلم أنه لا يمكن رفع ما وقع أبداً ،ولهذا يقال: دوام الحال من المحال ،وتغيير الحال - بمعنى رفع الشيء بعد وقوعه - من المحال ،{والله لا يحب كل مختال فخور} ،مختال في فعله ،فخور في قوله ،ومن الاختيال في الفعل أن يجر ثوبه ،أو مشلحه ،أو عباءته ،أو غير ذلك مما يدل على الخيلاء ،حتى وإن لبس ثوباً وإن لم يكن نازلاً لكنه يعد خيلاء فهو خيلاء ،الفخور هو المعجب بنفسه الذي يقول: فعلت وفعلت وفعلت ،يفخر به على الناس ،لأنك مادمت فاعلاً الشيء تريد ثواب الله فلا حاجة أن تفخر به على الناس ،بل اشكر الله عليه ،وحدِّث به على أنه من نعمة الله عليك .