وقد جاء في نهج البلاغة: قال أمير المؤمنين( ع ):"الزهد كله بين كلمتين من القرآن ،قال الله سبحانه:{لِّكَيْلاَ تَأْسَوْاْ عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلاَ تَفْرَحُواْ بِمَآ آتاكُمْ} ومن لم يأس على الماضي ولم يفرح بالآتي فقد أخذ الزهد بطرفيه »[ 2] .
وعلى ضوء ذلك ،فلا بد للإنسان من أن يتواضع في حركته ،ويتوازن في شعوره ،ويثق بالتقدير الإلهي في موارد رزقه ،فلا ينتفخ في حالات الفرح ليتحول ذلك عنده إلى حالةٍ استعراضيةٍ من الخيلاء ،أو حالةٍ استكبارية من الاستعلاء والفخر ،أو حالةٍ أنانيةٍ خائفةٍ تقوده إلى البخل ،{وَاللَّهُ لاَ يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ} يتيه على الناس بزهوه ،ويفخر عليهم بأعماله ،فليس في الأمر فضلٌ ذاتيّ خاص ،بل المسألة مسألة إرادة الله في التقدير ،ليعرف أن ما أصابه لم يكن ليخطئه ،وما أخطأه لم يكن ليصيبه ،في خضوعه لحركة الوجود السائرة بتقدير الله .